جابر فوقفت، ثم حرك الخيط تحريكا خفيفا ما ظننت أنه حركه من لينه، ثم قال صلوات الله عليه: ناولني طرف الخيط فناولته وقلت: ما فعلت به يا سيدي؟! قال: ويحك اخرج فانظر ما حال الناس.
قال جابر - رضي الله عنه -: فخرجت من المسجد وإذا الناس في صياح واحد والصائحة من كل جانب، فإذا بالمدينة قد تزلزلت (1) زلزلة شديدة وأخذتهم الرجفة والهدمة، وقد خربت أكثر دور المدينة، وهلك منها أكثر من ثلاثين ألفا رجالا ونساء دون الولدان، وإذا الناس في صياح وبكاء وعويل، وهم يقولون:
إنا لله وإنا إليه راجعون خربت دار فلان وخرب أهلها، ورأيت الناس فزعين إلى مسجد رسول الله - صلى الله عليه وآله - وهم يقولون: كانت هدمة عظيمة، وبعضهم يقول: قد كانت زلزلة، وبعضهم يقول:
كيف لا نخسف (2) وقد تركنا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وظهر (3) فينا الفسق والفجور، وظلم آل الرسول - صلى الله عليه وآله -، والله ليتزلزل (4) بنا أشد من هذا وأعظم أو نصلح من أنفسنا ما أفسدنا.
قال جابر - رضي الله عنه -: فبقيت متحيرا أنظر إلى الناس حيارى يبكون، فأبكاني بكاؤهم، وهم لا يدرون من أين اتوا، فانصرفت إلى الباقر - عليه السلام - وقد حف به الناس في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وآله - وهم