قال: فمضى الحبر إلى قومه (فأخبرهم) (1) بذلك، فنفروا (2) بأجمعهم وتجهزوا للمسير فساروا يطلبون المدينة، ليقضوا عدتهم، فلما دخلوا المدينة وجدوها مظلمة مسودة لفقد رسول الله - صلى الله عليه وآله - وقد انقطع الوحي من السماء، وقد قبض - صلى الله عليه وآله - وجلس مكانه أبو بكر! فدخلوا عليه وقالوا: أنت خليفة رسول الله؟
قال: نعم. قالوا: أعطنا عدتنا من رسول الله - صلى الله عليه وآله -. قال: وما عدتكم؟
فقالوا: أنت أعلم [منا] (3) بعدتنا إن كنت خليفته حقا، وإن لم تكن خليفته فكيف جلست مجلس نبيك بغير حق لك ولست له أهلا؟
قال: فقام وقعد وتحير في أمره ولم يعلم ماذا يصنع، وإذا برجل من المسلمين قد قام فقال: اتبعوني حتى أدلكم على خليفة رسول الله - صلى الله عليه وآله -.
قال: فخرجوا (4) من بين يدي أبي بكر واتبعوا الرجل حتى أتوا إلى منزل فاطمة الزهراء - عليها السلام - وطرقوا الباب، وإذا بالباب قد فتح، وقد خرج عليهم [علي] (5) وهو شديد الحزن على رسول الله - صلى الله عليه وآله -، فلما رآهم قال: أيها اليهود تريدون عدتكم من رسول الله - صلى الله عليه وآله -؟ قالوا: نعم.
فخرج معهم [وساروا] (6) إلى ظاهر المدينة إلى الجبل الذي صلى عنده رسول الله - صلى الله عليه وآله -، فلما رأى مكانه تنفس الصعداء، وقال، بأبي وأمي من كان بهذا الموضع منذ هنيئة، ثم صلى ركعتين، وإذا بالجبل قد انشق وخرجت النوق (منه) (7) وهي سبع نوق، فلما رأوا ذلك قالوا بلسان واحد: نشهد أن لا إله إلا الله،