ألا من كان له على رسول الله - صلى الله عليه وآله - عدة أو دين فليأت أبا بكر وليأت معه بشاهدين، ونادى علي - عليه السلام - بذلك على الاطلاق من غير طلب شاهدين، فجاء أعرابي متلثم متقلد سيفه متنكب (1) كنانته وفرسه، لا يرى منه إلا حافره - وساق الحديث ولم يذكر الاسم و [لا] (2) القبيلة - وكان ما وعده مائة ناقة حمراء بأزمتها وأثقالها، موقرة ذهبا وفضة بعبيدها.
فلما ذهب سلمان بالاعرابي إلى أمير المؤمنين - عليه السلام - قال له حين بصر به:
مرحبا بطالب عدة رسول الله - صلى الله عليه وآله -.
فقال: وما وعد أبي [فداك أبي وأمي] (3) يا أبا الحسن؟ فقال: إن أباك قدم على رسول الله - صلى الله عليه وآله - وقال: أنا رجل مطاع في قومي، إن دعوتهم [إلى الاسلام] (4) أجابوك، وإني ضعيف الحال، فما تجعل لي إن دعوتهم إلى الاسلام فأسلموا؟
فقال - صلى الله عليه وآله -: من أمر الدنيا، أم من أمر الآخرة؟ قال: وما عليك أن تجمعهما لي يا رسول الله، وقد جمعهما الله لأناس كثيرة؟!
فتبسم النبي - صلى الله عليه وآله - وقال: أجمع لك خير الدنيا والآخرة، فأما في الآخرة فأنت رفيقي في الجنة، وأما في الدنيا فما تريد (5)؟
قال: مائة ناقة حمر بأزمتها وعبيدها، موقرة ذهبا وفضة.
ثم قال: وإن دعوتهم فأجابوني، وقضى علي الموت، ولم ألقك فتدفع ذلك إلى ولدي، فقال: نعم. [فقال أبوك: فإن أتيتك وقد رفعك الله ولم أدركك،