لقتلت من في تلك الدار وأومأ بيده إلى ثلاث حجر في الدار فضربنا بأيدينا على قوائم السيوف وضربنا بأبصارنا إلى الحجر التي أومأ إليها فوالله ما بقيت في الدار باكية إلا سكتت ولا قائمة إلا جلست، قلت: يا أبا القاسم فمن كان في تلك الثلاث حجر؟ قال: أما واحدة فكان فيها مروان بن الحكم جريحا " ومعه شباب قريش جرحى، وأما الثانية فكان فيها عبد الله بن الزبير ومعه، آل الزبير جرحى، وأما الثالثة فكان فيها رئيس أهل البصرة يدور مع عائشة أين ما دارت، قلت: يا أبا القاسم هؤلاء أصحاب القرحة فهلا ملتم عليهم بهذه السيوف؟ قال: يا ابن أخي أمير المؤمنين عليه السلام كان أعلم منك، وسعهم أمانه، إنا لما هزمنا القوم نادى مناديه: لا يدفف على جريح ولا يتبع مدبر ومن ألقى سلاحه فهو آمن، سنة يستن بها بعد يومكم هذا ثم مضى ومضينا معه حتى انتهينا إلى العسكر فقام - إلى آخر الخبر -.
وفي المجلد التاسع من البحار ص 584 في حديث طويل نقله عن المناقب قالت صفية بنت الحارث الثقفية زوجة عبد الله بن خلف الخزاعي لعلي عليه السلام يوم الجمل بعد الوقعة:
يا قاتل الأحبة، يا مفرق الجماعة، فقال عليه السلام: إني لا ألومك إن تبغضيني يا صفية وقد قتلت جدك يوم بدر وعمك يوم أحد وزوجك الآن ولو كنت قاتل الأحبة لقتلت من في هذه البيوت، ففتش فكان فيها مروان وعبد الله بن الزبير انتهى.
وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج ج 3 ص 628 ط بيروت: وقالت امرأة عبد الله بن الخلف الخزاعي بالبصرة لعلي عليه السلام بعد ظفره: يا علي يا قاتل الأحبة لا مرحبا " بك أيتم الله منك ولدك كما أيتمت بني عبد الله بن خلف فلم يرد عليها ولكنه وقف وأشار إلى ناحية من دارها - ففهمت إشارته فسكتت وانصرفت وكانت قد سترت عندها عبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم فأشار إلى الموضع الذي كانا فيه - ولو شئت أخرجتهما، فلما فهمت انصرفت وكان عليه السلام حليما " كريما ".
أقول: وذكرها جماعة من المؤرخين في كتبهم بألفاظ تقرب ما نقلناه.