مات، فقامت امرأته في ماله كقيامه، فلم يلبث المال أن نفد ونشأ له ابن فلم يمر على أحد إلا ترحم على أبيه ويسأل الله أن يخيره، فجاء إلى أمه فقال: ما كان حال أبي؟ فإني لا أمر على أحد إلا يرحم عليه ويسأل الله أن يخيرني، فقالت: إن أباك كان رجلا " صالحا " وكان له مال كثير فكان ينفق على أهل الضعف وأهل المسكنة وأهل الحاجة، فلما أن مات قمت في ماله كقيامه فلم يلبث المال أن نفد، قال لها: يا أمه إن أبي كان مأجورا " فيما ينفق وكنت آثمة، قالت: ولم يا بني؟ فقال: كان أبي ينفق ماله وكنت تنفقين مال غيرك، قالت: صدقت يا بني وما أراك تضيق علي، قال: أنت في حل وسعه، فهل عندك شئ نلتمس به من فضل الله؟ قالت: عندي مائة درهم، فقال: إن الله تبارك وتعالى إذا أراد أن يبارك في شئ بارك فيه فأعطته المائة الدرهم فأخذها، ثم خرج يلتمس من فضل الله عز وجل، فمر برجل ميت على ظهر الطريق من أحسن ما يكون هيئة فقال: ما أريد تجارة بعد هذا أنا آخذه وأغسله وأكفنه وأصلي عليه وأقبره، ففعل فأنفق عليه ثمانين درهما " وبقيت معه عشرون درهما "، فخرج على وجهه يلتمس به من فضل الله، فاستقبله شخص فقال: أين تريد يا عبد الله؟ فقال: أريد ألتمس، قال: وما معك شئ تلتمس به من فضل الله؟ قال: نعم معي عشرون درهما "، قال: وأين يقع منك عشرون درهما "! قال:
إن الله تبارك وتعالى إذا أراد أن يبارك في شئ بارك فيه، قال: صدقت، ثم قال له:
فأرشدك وتشركني؟ قال: نعم قال: فإن أهل هذه الدار يضيفونك ثلاثا فاستضفهم، فإنه كلما جاءك الخادم معه هر أسود، فقل له: تبيع هذا الهر وألح عليه فإنك ستضجره، فيقول لك: أبيعكه بعشرين درهما " فإذا باعكه فأعطه العشرين درهما " وخذه فاذبحه وخذ رأسه فأحرقه، ثم خذ دماغه ثم توجه إلى مدينة كذا وكذا فإن ملكهم أعمى فأخبرهم أنك تعالجه ولا يرهبنك ما ترى من القتلى والمسلوبين فإن أولئك كان يخبرهم على علاجه فإذا لم ير شيئا " قتلهم فلا تهولنك وأخبر بأنك تعالجه واشترط عليه فعالجه ولا تزده أول يوم من كحلة فإنه سيقول لك: زدني فلا تفعل ثم اكحله من الغد أخرى فإنك سترى ما تحب، فيقول لك: زدني، فلا تفعل فإذا كان الثالث فاكحله فإنك سترى ما تحب، فيقول لك: زدني، فلا تفعل، فلما أن فعل ذلك برئ، فقال: