المؤمنون فمن أمرك علينا؟ فقال: ناولني كتابك، قال: إني لأكره أن أطأ بساطك، قال فناوله وزيري، قال: خان الوزير وظلم الأمير، قال: فناوله غلامي، قال: غلام سوء اشتراه مولاه من غير حل واستخدمه في غير طاعة الله، قال: فما الحيلة يا أعرابي؟ قال: ما يحتال مؤمن مثلي لمنافق مثلك قم صاغرا " فخذه، فقام معاوية صاغرا " فتناوله ثم فصه وقرأ ثم قال: يا أعرابي كيف خلفت عليا "؟ قال: خلفته والله جلدا "، حريا "، ضابطا "، كريما "، شجاعا "، جوادا "، لم يلق جيشا " إلا هزمه ولا قرنا " إلا أرداه ولا قصرا " إلا هدمه، قال:
فكيف خلفت الحسن والحسين؟ قال: خلفتهما صلوات الله عليهما صحيحين، فصيحين، كريمين، شجاعين، جوادين، شابين، طريين مصلحان للدنيا والآخرة، قال: فكيف خلفت أصحاب علي؟ قال: خلفتهم وعلي عليه السلام بينهم كالبدر وهم كالنجوم، إن أمرهم ابتدروا وإن نهاهم ارتدعوا، فقال له: يا أعرابي ما أظن بباب علي أحدا أعلم منك، قال:
ويلك استغفر ربك وصم سنة كفارة لما قلت، كيف لو رأيت الفصحاء الأدباء النطقاء، و وقعت في بحر علومهم لغرقت يا شقي، قال: الويل لأمك، قال: بل طوبى لها ولدت مؤمنا " يغمز منافقا " مثلك، قال له: يا أعرابي هل لك في جائزة؟ قال: أرى استنقاص روحك، فكيف لا أرى استنقاص مالك (1)، فأمر له بمائة ألف درهم، قال: أزيدك يا أعرابي؟ قال أسد يدا " سد أبدا " (2)، فأمر له بمائة ألف أخرى، فقال ثلثها فإن الله فرد، ثم ثلثها، فقال: الآن ما تقول؟ فقال: أحمد الله وأذمك، قال: ولم ويلك؟ قال: لأنه لم يكن لك ولأبيك ميراثا "، إنما هو من بيت مال المسلمين أعطيتنيه.
ثم أقبل معاوية على كاتبه فقال اكتب للأعرابي جوابا " فلا طاقة لنا به فكتب أما بعد يا علي فلأوجهن إليك بأربعين حملا " من خردل مع كل خردلة ألف مقاتل يشربون الدجلة ويسقون الفرات، فلما نظر الطرماح إلى ما كتب به الكاتب أقبل على معاوية فقال له: سوءة لك يا معاوية فلا أدري أيكما أقل حياء أنت أم كاتبك؟ ويلك لو جمعت الجن والإنس وأهل الزبور والفرقان كانوا لا يقولون بما قلت، قال: ما كتبه عن أمري، قال: