قبلك " فإن المخاطب في ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يكن في شك مما أنزل إليه ولكن قالت الجهلة كيف لم يبعث الله نبيا " من ملائكته أم كيف لم يفرق بينه وبين خلقه بالاستغناء عن المأكل والمشرب والمشي في الأسواق؟ فأوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وآله " فسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك " تفحص بمحضر كذا من الجهلة هل بعث الله رسولا " قبلك إلا وهو يأكل ويشرب ويمشي في الأسواق ولك بهم أسوة وإنما قال: " إن كنت في شك " ولم يكن للنصفة كما قال صلى الله عليه وآله: " قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين " ولو قال: نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم لم يكونا يجوزان للمباهلة (1) وقد علم الله أن نبيه مؤد عنه رسالاته وما هو من الكاذبين وكذلك عرف النبي أنه صادق فيما يقول ولكن أحب أن ينصفهم من نفسه.
وأما قوله: " ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله " فهو كذلك لو أن أشجار الدنيا أقلام والبحر مداد له بعد سبعة مدد البحر حتى فجرت الأرض عيونا " فغرق أصحاب الطوفان لنفدت قبل أن تنفد كلمات الله عز وجل وهي عين الكبريت وعين اليمن وعين برهوت وعين الطبرية وحمة ماسبذان وتدعى المنيات وحمة إفريقية وتدعى بسلان وعين باحروان (2) وبحر بحر، ونحن الكلمات التي لا تدرك فضائلنا ولا تستقصى.
وأما الجنة ففيها من المآكل والمشارب والملاهي والملابس ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين وأباح الله ذلك كله لآدم والشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته أن يأكلا منها شجرة الحسد عهد إليهما أن لا ينظر إلى من فضل الله عليهما وعلى كل خلائقه بعين الحسد فنسي ونظر بعين الحسد ولم يجد له عزما ".
وأما قوله: " أو يزوجهم ذكرانا " وإناثا " فإن الله تبارك وتعالى يزوج ذكران المطيعين إناثا " من الحور ومعاذ الله أن يكون عنى الجليل ما لبست على نفسك تطلب الرخص