إذا جاء صاحبك فادفعي هذه إليه، وخرج قيس بن سعد 1 فما أتت عليه إلا ساعة حتى لحقه الرجل صاحب المنزل على فرس ومعه رمح، والثياب والدراهم بين يديه، فقال: يا هؤلاء خذوا ثيابكم ودراهمكم، فقال قيس: انصرف أيها الرجل فإنا لم نكن لنأخذها، فقال الرجل: والله لتأخذنها، فعجب قيس منه ثم قال: لله أبوك!؟
ألم تكرمنا وتحسن ضيافتنا؟ فكافأناك، فليس بهذا بأس، فقال الرجل: إنا لا نأخذ لقرى ابن السبيل والضيف ثمنا، والله لا أفعل ذلك أبدا، فقال قيس: أما إذ أبى [ألا يأخذها] فخذوها. فوالله ما فضلني رجل من العرب قط غيره.
قال: وقال أبو المنذر 2: مر قيس [في طريقه] برجل من بلي 3 يقال له:
الأسود 4 فنزل به فأكرمه فلما أراد قيس أن يرتحل وضع عند امرأته ثيابا ودراهم، فلما جاء الرجل دفعت إليه امرأته ذلك فلحقه فقال: ما أنا ببائع ضيافتي، والله لتأخذنها وإلا طعنتك بالرمح 5 فقال قيس: ويحكم خذوه 6.
ثم أقبل قيس حتى دخل المدنية فجاءه حسان بن ثابت شامتا به، وكان عثمانيا فقال له: نزعك علي بن أبي طالب وقد قتلت عثمان فبقي عليك الإثم. ولم يحسن لك الشكر، فزجره قيس وقال له، يا أعمى القلب يا أعمى البصيرة 7 [والله] لولا أن ألقى بين رهطي ورهطك حربا لضربت عنقك، أخرج عني 8.