الأشياء أودها ونهى معالم حدودها ولام بقدرته بين متضاداتها ووصل أسباب قراينها وخالف بين ألوانها وفرقها أجناسا مختلفات في الاقدار والغرائز والهيئات بدا يا خلائق أحكم صنعها وفطرها على ما أراد وإذا ابتدعها انتظم علمه صنوف ذرؤها وأدرك تدبيره حسن تقديرها، أيها السائل اعلم أن من شبه ربه ربنا الجليل بتباين أعضاء خلقه وبتلاحم احقاق مفاصلهم المحتجبة بتدبير حكمته انه لم يعقد غيب ضميره على معرفته ولم يشاهد قلبه اليقين بأنه لا ندله وكانه لم يسمع بتبرء التابعين من المتبوعين وهم يقولون تا الله ان كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين فمن ساوى ربنا بشئ فقد عدل به والعادل به كافر بما نزلت به محكمات آياته ونطقت به شواهد حجج بيناته لأنه الله الذي لم يتناه في العقول فيكون في مهب فكرها مكيفا وفي حواصل رويات همم النفوس محدودا مصرفا المنشئ أصناف الأشياء بلا روية احتاج إليها ولا قريحة غريزة اضمر عليها ولا تجربة
(١٠٠)