الحاشية على أصول الكافي - رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني - الصفحة ٥٩١
في الكتب من شئ) وأنزل في حجة الوداع وهي آخر عمره (صلى الله عليه وآله): (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) وأمر الإمامة من تمام الدين، ولم يمض (صلى الله عليه وآله) حتى بين لأمته معالم دينهم، وأوضح لهم سبيلهم، وتركهم على قصد سبيل الحق، وأقام لهم عليا (عليه السلام) علما وإماما. وما ترك لهم شيئا يحتاج إليه الأمة إلا بينه، فمن زعم أن الله - عز وجل - لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله، ومن رد كتاب الله فهو كافر به.
هل يعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم، إن الإمامة أجل قدرا وأعظم شأنا وأعلى مكانا وأمنع جانبا وأبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم، أو ينالوها بآرائهم، أو يقيموا إماما باختيارهم، إن الإمامة خص الله - عز وجل - بها إبراهيم الخليل (عليه السلام) بعد النبوة والخلة مرتبة ثالثة، وفضيلة شرفه بها وأشاد بها ذكره، فقال: (إني جاعلك للناس إماما) فقال الخليل (عليه السلام) سرورا بها: (ومن ذريتي) قال الله تبارك وتعالى:
____________________
قوله: (وتركهم على قصد سبيل الحق).
" القصد ": استقامة الطريق، أي تركهم على السبيل المستقيم الموصل سلوكه إلى الحق. (وأقام لهم عليا (عليه السلام) علما وإماما) بنصه (صلى الله عليه وآله) على إمامته يوم الغدير وتبليغه ما أمر بتبليغه. (وما ترك شيئا يحتاج إليه الأمة إلا بينه) فإن بإمامته ومعرفتها والرجوع إليه يقضي (1) حاجتهم، كما قال عز من قائل: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي) (2) (فمن زعم أن الله لم يكمل دينه) بنصبه بالإمامة (فقد رد كتاب الله، ومن رد كتاب الله فهو كافر به) وأنى للناس الوصول إلى معرفة من يكمل الدين ويتم الهداية بالانقياد والتسليم له؟ ومن المعلوم أن الناس لا يعرفون مرتبة الإمامة وما هو مناطها، وليس لهم طريق إليها بعقولهم إلا بإيقاف من الله سبحانه وتبليغ من رسوله (صلى الله عليه وآله) كيف وهي مرتبة من الله تعالى بها على خليله (صلى الله عليه وآله)، وبشر بها بعد نبوته وخلته (وفضيلة شرفه بها، وأشاد بها ذكره) أي رفع بها قدره وشرفه أوصيته وثناءه (فقال: (إني جاعلك للناس إماما) فقال الخليل (عليه السلام) سرورا بها) أي بالإمامة

1. في " ل ": " تقضي ".
2. المائدة (5): 3.
(٥٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 586 587 588 589 590 591 592 593 594 595 596 ... » »»
الفهرست