فلما رأيت البيت وفعله والأصنام وفعلها لم أدر ما أقول. وجعلت أحسر عن عيني فأقول انى لنائم وأقول: كلا انني ليقظان ثم انطلقت إلى بطحاء مكة. وخرجت من باب بنى شيبة فإذا انا بالصفا وأنادي من كل جانب: يا سيد قريش ما لك كالخائف الوجل أمطلوب أنت؟ فما أحير جوابا. إنما همتي آمنة حتى أنظر إلى ابنها محمد (صلى الله عليه وآله) وإذا انا بطير الأرض حاشرة إليها. وإذا جبال مكة مشرقة عليها. وإذا سحابة بيضاء بإزاء حجرتها. فلما رأيت ذلك دنوت من الباب على نفسها. فإذا ليس هناك أثر النفاس والولادة. قد دققت الباب فأجابتني بخفي صوتها فقلت: عجلى افتحي الباب ففتحت الباب مبادرة. فأول شئ وقعت عيني عليه من وجهها موضع نور محمد (صلى الله عليه وآله) فلم أره فقلت: أنا نائم أو يقظان؟ قالت: بل يقظان ما لك كالخائف أمطلوب أنت؟
قلت: لا ولكنني منذ ليلتي في كل ذعر وخوف، وما لي لا أرى النور الذي كنت أراه بين عينيك ساطعا؟ قالت: قد وضعته قلت: ومن أين وضعتيه وليس بك أثر النفاس؟
قالت بلى والله وضعته أتم الوضع وأهونه وهذه الطير التي تراها بإزاء حجرتي تنازعني عندما وضعته إن ادفعه إليها فتحمله إلى أعشاشها، وهذه السحاب تسألني كذلك قلت فهاتيه انظر إليه قالت حيل بينك وبينه أن تراه من يومك هذا. قلت ولم ذاك؟ قالت لأنه أتاني آت ساعة ولدته كأنه قصب فضة كالنخلة الباسقة فقال لي: انظري يا آمنة لا تخرجي هذا الغلام إلى خلق الله من ولد آدم حتى يأتي عليه منذ يوم ولدتيه ثلاثة أيام فسللت سيفي وقلت: لتخرجنه أو لأقتلنك وإلا بدئت بنفسي فقتلتها. فلما نظرت إنه الحقيقة قالت: شأنك وإياه قلت وأين هو قالت: هو في ذلك البيت مدرج في ثوب صوف أبيض تحته حريرة خضراء فلما هممت ان أدلج البيت بدر إلي من داخل البيت رجل فقال لي إلى أين؟ قلت: انظر إلى ابني محمد (صلى الله عليه وآله) قال لي: ارجع وراك فلا سبيل لاحد من بني آدم إلى رؤيته أو تنقضي زيارة الملائكة. قال عبد المطلب فارتعدت وألقيت السيف من يدي وخرجت مبادرا أخبر قريشا بذلك. فأخذ الله عز وجل على لساني فلم أنطق بهذه الكلمة سبعة أيام ولياليها.
وكانت ولادته يوم الجمعة السابع عشر من شهر ربيع الأول في عام الفيل.
وقيل يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول في عام الفيل والأول أظهر وأصح.