فان قيل: فلم أمروا بالتمتع في الحج قيل ذلك تخفيف من ربكم ورحمة لان يسلم الناس في إحرامهم ولا يطول ذلك عليهم فيدخل عليهم الفساد وأن يكون الحج والعمرة واجبين جميعا فلا تعطل العمرة وتبطل ولا يكون الحج مفردا من العمرة ويكون بينهما فصل وتمييز وان لا يكون الطواف بالبيت محظورا لان المحرم إذا طاف بالبيت قد أحل إلا لعلة، فلولا التمتع لم يكن للحاج ان يطوف لأنه إن طاف أحل وفسد احرامه ويخرج منه قبل أداء الحج، ولان يجب على الناس الهدي والكفارة فيذبحون وينحرون ويتقربون إلى الله جل جلاله فلا تبطل هراقة الدماء والصدقة على المسلمين.
فان قيل: فلم جعل وقتها عشر ذي الحجة ولم يقدم ولم يؤخر؟ قيل قد يجوز أن يكون لما أوجب الله عز وجل ان يعبد بهذه العبادة وضع البيت والمواضع في أيام التشريق فكان أول ما حجت لله الملائكة وطافت به في هذا الوقت فجعله سنة ووقتا إلى يوم القيامة فاما النبيون: آدم، ونوح وإبراهيم، وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم وغيرهم من الأنبياء عليهم السلام إنما حجوا في هذا الوقت فجعلت سنة في أولادهم إلى يوم الدين.
فان قيل: فلم أمروا بالاحرام؟ قيل لان يخشعوا قبل دخولهم حرم الله وأمنه ولئلا يلهوا ويشتغلوا بشئ من أمور الدنيا وزينتها ولذاتها ويكونوا صابرين فيما هم فيه قاصدين نحوه مقبلين عليه بكليتهم مع ما فيه من التعظيم لله عز وجل ولبيته والتذلل لأنفسهم عند قصدهم إلى الله تعالى ووفادتهم إليه راجين ثوابه راهبين من عقابه ماضين نحوه مقبلين إليه بالذل والاستكانة والخضوع. وصلى الله على محمد وآله أجمعين.
حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار قال: حدثنا علي ابن محمد بن قتيبة النيسابوري قال: قلت للفضل بن شاذان لما سمعت منه هذه العلل أخبرني عن هذه العلل التي ذكرتها عن الاستنباط والاستخراج وهي من نتائج