أمير المؤمنين ولو انتبه معاوية بحيلة الحسن " ع " بما احتال عليه لقال له يا أبا محمد أنت مؤمن وانا أمير فإذا لم أكن أميرك لم أكن للمؤمنين أميرا وهذا حيلة منك تزيل أمرى عنك وتدفع حكمي لك وعليك، فلو كان قوله: يحارب من حارب مطلقا ولم يكن شرطه ان قاتلك من هو شر منك قاتلته وان قاتلك من هو خير منك في الشر وأنت أقرب منه إليه لم أقاتله ولان شرط الله على الحسن " ع " وعلى جميع عباده التعاون على البر والتقوى وترك التعاون على الاثم والعدوان وإن قتال من طلب الحق فأخطأه مع من طلب الباطل فوجده تعاون على الاثم والعدوان، والمبايع غير المبايع والمؤازر غير المؤازر.
فان قال: هذا حديث أنس بن سيرين يرويه محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا بشار قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن ابن عون عن أنس بن سيرين قال:
حدثنا الحسن بن علي " ع " يوم كلم فقال: ما بين جابرسا وجابلقا رجل جده نبي غيري وغير أخي وانى رأيت أن أصلح بين أمة محمد وكنت أحقهم بذلك فانا بايعنا معاوية ولعله فتنة لكم ومتاع إلى حين، قلنا ألا ترى إلى قول أنس كيف يقول يوم كلم الحسن ولم يقل يوم بايع إذ لم يكن عنده بيعة حقيقة وإنما كانت مهادنة كما يكون بين أولياء الله وأعدائه لا مبايعة تكون بين أوليائه وأوليائه فرأى الحسن " ع " رفع السيف مع العجز بينه وبين معاوية كما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله رفع السيف بينه وبين أبي سفيان وسهل بن عمرو ولو لم يكن رسول الله مضطرا إلى تلك المصلحة والموادعة لما فعل.
فان قال: قد ضرب رسول الله صلى الله عليه وآله بينه وبين سهل وأبى سفيان مدة ولم يجعل الحسن بينه وبين معاوية مدة قلنا بل ضرب الحسن " ع " أيضا بينه وبين معاوية مدة وان جهلناها ولم نعلمها وهي ارتفاع الفتنة وانتهاء مدتها وهو متاع إلى حين.
فان قال: فان الحسن قال لجبير بن نفير حين قال له: ان الناس يقولون انك تريد الخلافة فقال: قد كان جماجم العرب في يدي يحاربون من حاربت ويسالمون