الأثر في فضائله أنه قال: مهما آسى عليه من شئ فانى لا آسي على شئ أسفي على انى لم أقاتل الفئة الباغية مع علي فهذا ندم القاعد وهذه عائشة، روى الرواة انها لما انبها مؤنب فيما أتته قالت: قضى القضاء وجفت الأقلام والله لو كان لي من رسول الله عشرون ذكرا كلهم مثل عبد الرحمان بن الحارث بن هشام فثكلتهم بموت وقتل كان أيسر علي من خروجي على علي ومسعاي التي سعيت فإلى الله أشكو لا إلى غيره. وهذا سعد بن أبي وقاص، لما انهى إليه ان عليا صلوات الله عليه قتل ذا الثدية اخذه ما قدم وما آخر وقلق ونزق وقال: والله لو علمت أن ذلك كذلك لمشيت إليه ولو حبوا. ولما قدم معاوية دخل إليه سعد وقال له يا أبا إسحاق ما الذي منعك ان تعينني على الطلب بدم الامام المظلوم؟ فقال: كنت أقاتل معك عليا وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أنت مني بمنزلة هارون من موسى فقال أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: نعم وإلا صمتا قال أنت الآن أقل عذرا في القعود عن النصرة فوالله لو سمعت هذا من رسول الله ما قاتلته، وقد أحال فقد سمع رسول الله يقول لعلي أكثر من ذلك فقاتله وهو بعد مفارقته للدنيا يلعنه ويشتمه ويرى ان ملكه وثبات قدرته بذلك إلا أنه أراد ان يقطع عذر سعد في القعود عن نصره والله المستعان.
فان قال قائل: لحمقه وخرقه فان عليا ندم مما كان منه من النهوض في تلك الأمور وإراقة الدماء كما ندموا هم في النهوض والقعود قيل كذبت وأحلت لأنه في غير مقام، قال إني قلبت أمرى وأمرهم ظهرا لبطن فما وجدت إلا قتالهم أو الكفر بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله وقد روى عنه أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين وروى هذا الحديث من ثمانية عشر وجها عن النبي صلى الله عليه وآله انك تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين أظهر ندما بحضرة من سمعوا منه، هذا وهو يرويه عن النبي صلى الله عليه وآله لكان مكذبا فيه نفسه وكان فيهم المهاجرون كعمار. وروى عمار والأنصار كأبى الهيثم وأبى أيوب ودونهما فإن لم يتحرج ولم يتورع عن الكذب