شهادة لايجاب الله عز وجل عليه إقامة شهادة بما علمه قبل شرطه على معاوية قيل إن لإقامة الشهادة شرايط وهي: حدودها التي لا يجوز تعديها لان من تعدى حدود الله عز وجل فقد ظلم نفسه، وأؤكد شرايطها إقامتها عند قاض فصل وحكم عدل ثم الثقة من الشاهد أن يقيمها عند من تجد شهادته حقا ويميت بها إثرة ويزيل بها ظلما فإذا لم يكن من يشهد عنده سقط عنه فرض إقامة الشهادة ولم يكن معاوية عند الحسن " ع " أميرا أقامه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله أو حاكما من ولاة الحكم، فلو كان حاكما من قبل الله وقبل رسوله ثم على الحسن " ع " ان الحكم هو الأمير والأمير هو الحكم وقد شرط عليه الحسن " ع " ان لا يؤمر حين شرط ألا يسميه أمير المؤمنين فكيف يقيم الشهادة عند من أزال عنه الامرة بشرط أن لا يسميه أمير المؤمنين وإذا أزال ذلك بالشرط أزال عنه الحكم لان الأمير هو الحاكم وهو المقيم للحاكم، ومن ليس له تأمير ولا تحاكم يحكم فحكمه هذر ولا تقام الشهادة عند من حكمه هذر.
فان قلت: فما تأويل عهد الحسن " ع " على معاوية وشرطه عليه ألا يتعقب على شيعة علي " ع " شيئا؟ قيل إن الحسن " ع " علم أن القوم جوزوا لأنفسهم التأويل وسوغوا في تأويلهم إراقة ما أرادوا إراقته من الدماء وإن كان الله تعالى حقنه وحقن ما أرادوا حقنه وإن كان الله تعالى أراقه في حكمه فأراد الحسن " ع " ان يبين ان تأويل معاوية على شيعة علي " ع " بتعقبه عليهم ما يتعقبه زايل مضمحل فاسد، كما أن أزال إمرته عنه وعن المؤمنين بشرط ان لا يسميه أمير المؤمنين وان إمرته زالت عنه وعنهم وأفسد حكمه عليه وعليهم ثم سوغ الحسن " ع " بشرطه عليه ان لا يقيم عنده شهادة للمؤمنين القدوة منهم به في أن لا يقيموا عنده شهادة فيكون حينئذ داره دائرة، وقدرته قائمة لغير الحسن ولغير المؤمنين ويكون داره كدار بخت نصر وهو بمنزلة دانيال فيها، وكدار العزيز وهو كيوسف فيها.