من المدح والثناء مما بانوا به عن خلق الله جل وعلا إذ لو لم يكن فيه إلا قوله: (بل هم عباد مكرمون، لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعلمون) لكفى.
قال مفضلوا الأنبياء والحجج عليهم السلام: إنا لو استقصينا آي القرآن في تفضيل الأنبياء والحجج صلوات الله عليهم أجمعين لاحتجنا لذلك إلى التطويل والاكثار وترك الايجاز والاختصار، وفيما جئنا به من الحجج النظرية التي تزيح العلل من الجميع مقنع إذ ذكرنا ترتيب الله عز وجل خلقه، فجعل الأرض دون النامي، والنامي أعلا وأفضل من الأرض، وجعل النامي دون الحيوان، والحيوان أعلى وأرفع من النامي، وجعل الحيوان الأعجم دون الحيوان الناطق، وجعل الحيوان الناطق أفضل من الحيوان الأعجم. وجعل الحيوان الجاهل الناطق دون الحيوان العالم الناطق، وجعل الحيوان العالم الناطق المحجوج دون الحيوان العالم الحجة. ويجب على هذا الترتيب ان المعرب المبين أفضل من الأعجم غير الفصيح ويكون المأمور المزجور مع تمام الشهوات وما فيهم من طباع حب اللذات، ومنع النفس من الطلبات والبغيات، ومع البلوى بعد، ويمهل ويمتحن بمعصيته إياه وهو يزينها له محسنا بوسوسته في قلبه وعينه أفضل من المأمور المزجور مع فقد آلة الشهوات، وعدم معاداة هذا المتوصل له بتزيين المعاصي والوسوسة إليه، ثم هذا الجنس نوعان: حجة ومحجوج، والحجة أفضل من المحجوج ولم يحجج آدم الذي هو أصل البشر، بواحد من الملائكة. تفضيلا من الله عز وجل إياه عليهم وحجج جماهير الملائكة بآدم عليه السلام فجعله العالم بما لم يعلموا، وخصه بالتعليم ليبين لهم ان المخصوص بما خصه به مما لم يخصهم أفضل من غير المخصوص، بما لم يخصه به.
وإلحاد في طلبه، فانتهى الفضل إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم لأنه ورث آدم وجميع الأنبياء عليهم السلام، ولأنه اصطفاه الذي ذكره الله عز وجل فقال: (ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) فمحمد الصفوة