الولاية، وأدخل في العداوات فلا يرجى له من كبوته الإقالة (إلى) آخر الأبد فرأينا السبب الذي أوجب الله عز وجل لآدم عليه السلام عليهم فضلا فإذا هو العلم الذي خصه الله عز وجل دونهم فعلمه الأسماء وبين له الأشياء فعلا بعلمه على من لا يعلم، ثم أمره جل وعز أن يسألهم سؤال تنبيه لا سؤال تكليف عما علمه بتعليم الله عز وجل إياه مما لم يكن علمهم ليريهم جل وعز علو منزلة العلم ورفعة قدره كيف خص العلم محلا وموضعا اختاره له وأبان ذلك المحل عنهم بالرفعة والفضل، ثم علمنا أن سؤال آدم عليه السلام إياهم عما سألهم عنه مما ليس في وسعهم وطاقتهم، الجواب عنه سؤال تنبيه لا سؤال تكليف لأنه جل وعز لا يكلف ما ليس في وسع المكلف القيام به فلما لم يطيقوا الجواب عما سألوا علمنا أن السؤال كان كالتقرير منه ولهم يقر ربه انصياعهم بالجهالة عما علمه إياه وعلو خطره باختصاصه إياه بعلم لم يخصهم به فالتزموا الجواب بان قالوا: لا علم لنا إلا ما علمتنا، ثم جعل الله عز وجل آدم عليه السلام معلم الملائكة بقوله: أنبئهم، لان الانباء من النبأ تعليم والامر بالأنبياء من الامر تكليف يقتضى طاعة وعصيانا، والاصغاء من ا لملائكة عليهم السلام للتعليم والتوقيف والتفهيم والتعريف تكليف يقتضى طاعة وعصيانا، فمن ذهب منكم إلى فضل المتعلم على المعلم والموقف على الموقف والمعرف على المعرف كان في تفضيله عكس لحكمة الله عز وجل وقلب لترتيبها التي رتبها الله عز وجل فإنه على قياس مذهبه أن تكون الأرض التي هي المركز أعلى من النامي الذي هو عليها الذي فضله الله عز وجل بالنمو، والنامي أفضل وأعلى من الحيوان الذي فضلة الله جل جلاله بالحياة والنمو والروح. والحيوان الأعجم الخارج عن التكليف، والامر والزجر أعلا وأفضل من الحيوان الناطق المكلف للامر والزجر والحيوان الذي هو محجوج أعلا من الحجة التي هي حجة الله عز وجل فيها، والمعلم أعلا من المعلم وقد جعل الله عز وجل آدم حجة على كل من خلق من روحاني وجسماني إلا من جعل له أولية الحجة.
(٢٢)