الجواهر قدس سره كان على العكس من ذلك، فالاجماع - على ما في كتبهم - يطلق على توافق معظم الفقهاء بالنسبة إلى حكم شرعي ولا يشترط في الاجماع عندهم نفي المدرك، وذلك لاستدلالهم بالإجماع مقارنا مع النص في سبيل استنباط الحكم الواحد، كما قال الشيخ في وجوب نفقة المملوك: يجب نفقته لاجماع الفرقة على ذلك، وكقوله عليه السلام: (للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف) (1).
وقال في جواز أخذ الجزية: وأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله الجزية من مجوس هجر، وعلى جواز أخذ الجزية إجماع الأمة (2). فذكر رحمه الله الاجماع منضما للمدرك وقال المحقق صاحب الجواهر رحمه الله في تحديد النصاب في الغلات: (وأما) النظر في (الشروط) فلا إشكال ولا خلاف في اعتبار بلوغ (النصاب) في الوجوب بل الاجماع بقسميه عليه، كما أن النصوص متواترة فيه (3).
وقال أيضا في بيان أصناف المستحقين للزكاة: (الأول: أصناف المستحقين للزكاة) ثمانية بالنص أو الاجماع (4). فإن ذكر النص منضما للإجماع يرشدنا إلى عدم اشتراط الاجماع بنفي المدرك.
والذي يؤيد نظر الفقهاء على الاشتراط هو أن الاجماع أحد الأدلة الأربعة في الفقه ومن المسلمات القطعية عند الجميع، فإذا فرضت حجيته مشروطة بعدم كونه معلوم المدرك أو محتمل المدرك لا يتحقق المجال له إلا في فروض نادرة جدا كما مثل الأصوليون للإجماع التعبدي وجوب وضع الميت في قبره مستقبلا، وحرمان ولد الزنا من الإرث فقالوا: إن الاجماع في هذين الموردين تعبدي بمعنى الكلمة، لعدم وجود المدرك له قطعا.
والتحقيق: أنه توجد رواية ضعيفة في المورد الأول والثاني يحتمل كونها