لا يدري من هو، وليس هو ابن حزم، أو من طريق أبي هارون العبدي، وهو ساقط، أو من طريق يسار مولى ابن عمر، وهو مجهول ومدلس، عن كعب بن مرة ممن لا يدري من هو (1).
(1) قوله (عن كعب بن مرة) هكذا هو في الأصلين (عن) وكذلك نقله ابن حجر في لسان الميزان عن المؤلف. وهو خطأ في أصل الكتاب صوابه (وعن كعب بن مرة) بزيادة الواو أي انهما اسنادان في أحدهما يسار مولى ابن عمر، وفى الآخر كعب، والدليل على هذا أن يسارا إنما روى الحديث عن مولاه عبد الله بن عمر. كما سترى.
أما الحديث المذكور فان ابن حزم شط جدا في الحكم بكذبه. قال ابن حجر في لسان الميزان في ترجمة المؤلف (ج 4: ص 201): (ذكر نبدة من أغلاطه في وصف الرواة: قال في الكلام على حديث - لا صلاة بعد طلوع الفجر الا ركعتي الفجر - الرواية في هذا الباب ساقطة مطروحة مكذوبة، فذكر منها طريق يسار مولى ابن عمر عن كعب بن مرة قال: ويسار مجهول ومدلس وكعب لا يدرى من هو. قال القطب: يسار قال أبو زرعة ثقة). وأيضا فقد ذكره ابن حبان في الثقات. وقال الشوكاني في نيل الأوطار (ج 3: ص 111) من الطبعة المنيرية (وقد أفرط ابن حزم فقال) الخ وذكر كلام المؤلف.
وحديث يسار هذا رواه أبو داود (ج 1: ص 494) والدار قطني من طريقه (ص 161) والبيهقي (ج 2: ص 165) من طريق وهيب عن قدامة بن موسى عن أيوب بن الحصين عن أبي علقمة مولى ابن عباس عن يسار مولى ابن عمر عن ابن عمر. ورواه البيهقي أيضا (ج 2: ص 465) من طريق سليمان بن بلال عن قدامة عن أيوب بهذا. ورواه الترمذي (ج 1: ص 85) ومحمد بن نصر المروزي في قيام الليل (ص 79) والبيهقي أيضا (ج 2: ص 465) من طريق الدراوردي عن قدامة بهذا الاسناد إلا أنه سمى شيخ قدامة (محمد بن الحصين) وألفاظهم متقاربة * وأطولها لفظ البيهقي من طريق سليمان بن بلال. قال يسار: (قمت أصلي بعد الفجر فصليت صلاة كثيرة، فحصبني عبد الله بن عمر، وقال: يا يسار كم صليت؟ قال قلت: لا أدري، فقال عبد الله:
لادريت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج علينا ونحن نصلى هذه الصلاة فتغيظ علينا تغيظا شديدا، ثم قال ليبلغ شاهدكم غائبكم لا صلاة بعد طلوع الفجر الا ركعتي الفجر) وكذلك هذه القصة في رواية المروزي والدار قطني، وفى رواية أبى داود ان ابن عمر رأى يسارا يصلى فأخبره بالحديث فلا أدرى بعد هذا كيف يضعفه المؤلف بان يسارا مدلس!، وما وصفه بهذا أحد ولو كان مدلسا فالقصة صريحة في أنه سمعه من ابن عمر فزال خوف التدليس.
واسناد الحديث كلهم ثقات، وإنما اختلفوا في محمد بن الحصين فقال الدارقطني مجهول، وذكره ابن حبان في الثقات، واختلافهم في اسمه هل هو محمد أو أيوب قليل الأثر، فقد رجح أبو حاتم أنه (محمد) وكذلك ابن حجر وقال: (أما أبوه فهو حصين وكنيته أبو أيوب فلعل من سماه أيوب وقع له غير مسمى فسماه بكنية أبيه) وهو قريب جدا. فالضعف في هذه الأسانيد محتمل، وقد جبر بروايته من طرق أخرى.
فان الحديث إذا روى من طريقين فيهما ضعف قليل وكان الضعف من قبل سوء الحفظ أو الخطأ في الرواية أيدت احدى الروايتين الأخرى. أما إذا كان الضعف من قبل عدم الوثوق بالراوي لتهمته في العدالة فلا ولا كرامة بل لا يزيده ذلك الا ضعفا.
وأما طريق عبد الرحمن بن أنعم الإفريقي فقد روى المروزي في قيام الليل (ص 79) من طريق عيسى بن يونس والدار قطني (ص 161) والبيهقي (ج 2: ص 465 و 466) من طريق سفيان الثوري والبيهقي أيضا (ج 2: ص 465) من طريق ابن وهب كلهم عن الإفريقي عن عبد الله بن يزيد أبى عبد الرحمن الحبلى عن عبد الله بن عمرو بن العاص ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن يقول:
(لا صلاة بعد طلوع الفجر الا ركعتي الفجر) وهذا اسناد صحيح على ما رجحناه في الإفريقي انه ثقة وقد تأيد بحديث ابن عمر.
وأما طريق أبى بكر بن محمد فقد ذكرها ابن حجر في التلخيص (ص 71) نقلا عن الطبراني من حديث عبد الرزاق عن أبي بكر بن محمد عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر، ثم قال: (وينظر في سنده) ونقله الزيلعي في نصب الراية (ج 1 ص 134) عن الطبراني باسناده، ولفظه كلفظ حديث الإفريقي. وأبو بكر هذا الذي في الاسناد ظن ابن حجر في مختصر نصب الراية أنه ابن أبي سبرة وأنا أرجح هذا لأنه معروف بالرواية عن موسى بن عقبة ومن شيوخ عبد الرزاق وهو (أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة) وقد ينسب إلى جده وهو ضعيف جدا.
وأما طريقا أبى هارون العبدي وكعب بن مرة فلم أجدهما بعد طول التتبع فالله أعلم بهما.