قد أدرك مع زرعها أو باع الزرع خاصة فعشره على البائع دون المشترى لأنه باعه بعد وجوب العشر وتقرره بالادراك ولو باعها والزرع بقل فان قصله المشترى للحال فعشره على البائع أيضا لتقرر الوجوب في البقل بالقصل وان تركه حتى أدرك فعشره على المشترى في قول أبي حنيفة ومحمد لنحول الوجوب من الساق إلى الحب وروى عن أبي يوسف أنه قال عشر قدر البقل على البائع وعشر الزيادة على المشترى وكذلك حكم الثمار على هذا التفصيل وكذا عدم الدين ليس بشرط لوجوب العشر لان الدين لا يمنع وجوب العشر في ظاهر الرواية بخلاف الزكاة المعهودة وقد مضى الفرق فيما تقدم * (فصل) * وأما شرائط المحلية فأنواع منها أن تكون الأرض عشرية فإن كانت خراجية يجب فيها الخراج ولا يجب في الخارج منها العشر فالعشر مع الخراج لا يجتمعان في أرض واحدة عندنا وقال الشافعي يجتمعان فيجب في الخارج من أرض الخراج العشر حتى قال بوجوب العشر في الخارج من أرض السواد وجه قوله إنهما حقان مختلفان ذاتا ومحلا وسببا فلا يتدافعان أما اختلافهما ذاتا فلا شك فيه وأما المحل فلان الخراج يجب في الذمة والعشر يجب في الخارج وأما السبب فلان سبب وجوب الخراج الأرض النامية وسبب وجوب العشر الخارج حتى لا يجب بدونه والخراج يجب بدون الخارج وإذا ثبت اختلافهما ذاتا ومحلا وسببا فوجوب أحدهما لا يمنع وجوب الآخر ولنا ما روى عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يجتمع عشر وخراج في أرض ملسم ولان أحدا من أئمة العدل وولاة الجور لم يأخذ من أرض السواد عشرا إلى يومنا هذا فالقول بوجوب العشر فيها يخالف الاجماع فيكون باطلا ولان سبب وجوبهما واحد وهو الأرض النامية فلا يجتمعان في أرض واحدة كما لا يجتمع زكاتان في مال واحد وهي زكاة السائمة والتجارة والدليل على أن سبب وجوبهما الأرض النامية انهما يضافان إلى الأرض يقال خراج الأرض وعشر الأرض والإضافة تدل على السببية فثبت ان سبب الوجوب فيهما هو الأرض النامية الا انه إذا لم يزرعها وعطلها يجب الخراج لان انعدام النماء كان لتقصير من قبله فيجعل موجودا تقديرا حتى لو كان الفوات لا بتقصيره بان هلك لا يجب وإنما لا يجب العشر بدون الخارج حقيقة لأنه متعين ببعض الخارج فلا يمكن ايجابه بدون الخارج وعلى هذا قال أصحابنا فيمن اشترى أرض عشر للتجارة أو اشترى أرض خراج للتجارة ان فيها العشر أو الخراج ولا تجب زكاة التجارة مع أحدهما هو الرواية المشهورة عنهم وروى عن محمد انه يجب العشر والزكاة أو الخراج والزكاة وجه هذه الرواية ان زكاة التجارة تجب في الأرض والعشر يجب في الزرع وانهما مالان مختلفان فلم يجتمع الحقان في مال واحد وجه ظاهر الرواية ان سبب الوجوب في الكل واحد وهو الأرض ألا ترى انه يضاف الكل إليها يقال عشر الأرض وخراج الأرض وزكاة الأرض وكل واحد من ذلك حق الله تعالى وحقوق الله تعالى المتعلقة بالأموال النامية لا يجب فيها حقان منها بسبب مال واحد كزكاة السائمة مع التجارة وإذا ثبت انه لا سبيل إلى اجتماع العشر والزكاة واجتماع الخراج والزكاة فايجاب العشر أو الخراج أولى لأنهما أعم وجوبا ألا ترى انهما لا يسقطان بعذر الصبا والجنون والزكاة تسقط به فكان ايجابهما أولى وإذا عرف ان كون الأرض عشرية من شرائط وجوب العشر لابد من بيان الأرض العشرية وجملة الكلام فيه ان الأراضي نوعان عشرية وخراجية أما العشرية فمنها أرض العرب كلها قال محمد رحمه الله وأرض العرب من العذيب إلى مكة وعدن أبين إلى أقصى حجر باليمن بمهرة وذكر الكرخي هي أرض الحجاز وتهامة واليمن ومكة والطائف والبرية وإنما كانت هذه أرض عشر لان رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين بعده لم يأخذوا من أرض العرب خراجا فدل انها عشرية إذ الأرض لا تخلو عن احدى المؤنتين ولان الخراج يشبه الفئ فلا يثبت في أرض العرب كما لم يثبت في رقابهم والله أعلم ومنها الأرض التي أسلم عليها أهلها طوعا ومنها الأرض التي فتحت عنوة وقهرا وقسمت بين الغانمين المسلمين لان الأراضي لا تخلو عن مؤنة اما العشر واما الخراج والابتداء بالعشر في أرض المسلم أولى لان في العشر معنى العبادة وفى الخراج معنى الصغار ومنها دار المسلم إذا اتخذها بستانا لما قلنا وهذا إذا كان يسقى بماء العشر
(٥٧)