الخارج مما له ثمرة باقية فليس بشرط لوجوب العشر بل يجب سواء كان الخارج له ثمرة باقية أوليس له ثمرة باقية وهي الخضراوات كالبقول والرطاب والخيار والقثاء والبصل والثوم ونحوها في قول أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد لا يجب الا في الحبوب وماله ثمرة باقية واحتجا بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ليس في الخضراوات صدقة وهذا نص ولأبي حنيفة قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض وأحق ما تتناوله هذه الآية الخضراوات لأنها هي المخرجة من الأرض حقيقة وأما الحبوب فإنها غير مخرجة من الأرض حقيقة بل من المخرج من الأرض ولا يقال المراد من قوله تعالى ومما أخرجنا لكم من الأرض أي من الأصل الذي أخرجنا لكم كما في قوله تعالى قد أنزلنا عليكم لباسا يوارى سوآتكم أي أنزلنا الأصل الذي يكون منه اللباس وهو الماء لا عين اللباس إذ اللباس كما هو غير منزل من السماء وكقوله تعالى خلقكم من تراب أي خلق أصلكم وهو آدم عليه السلام كذا هذا لأنا نقول الحقيقة ما قلنا والأصل اعتبار الحقيقة ولا يجوز العدول عنها الا بدليل قام دليل العدول هناك فيجب العمل بالحقيقة فيما وراء ولان فيما قاله أبو حنيفة عملا بحقيقة الإضافة لان الاخراج من الأرض والانبات محض صنع الله تعالى لا صنع للعبد فيه الا ترى إلى قوله تعالى أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون فاما بعد الاخراج والانبات فللعبد فيه صنع من السقي والحفظ ونحو ذلك فكان الحمل على النبات عملا بحقيقة الإضافة أولى من الحمل على الحبوب وقوله تعالى وآتوا حقه يوم حصاده والحصاد القطع وأحق ما يحمل الحق عليه الخضراوات لأنها هي التي يجب إيتاء الحق منها يوم القطع وأما الحبوب فيتأخر الايتاء فيها إلى وقت التنقية وقول النبي صلى الله عليه وسلم ما سقته السماء ففيه العشر وما سقى بغرب أو دالية ففيه نصف العشر من غير فصل بين الحبوب والخضراوات ولان سبب الوجوب هو الأرض النامية بالخارج والنماء بالخضر أبلغ لان ريعها أوفر وأما الحديث فغريب فلا يجوز تخصيص الكتاب والخبر المشهور بمثله أو يحمل على الزكاة أو يحمل قوله ليس في الخضراوات صدقة على أنه ليس فيها صدقة تؤخذ بل أربابها هم الذين يؤدونها بأنفسهم فكان هذا نفى ولاية الاخذ للامام وبه نقول والله أعلم وكذا النصاب ليس بشرط لوجوب العشر فيجب العشر في كثير الخارج وقليله ولا يشترط فيه النصاب عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد لا يجب فيما دون خمسة أوسق إذا كان مما يدخل تحت الكيل كالحنطة والشعير والذرة والأرز ونحوها والوسق ستون صاعا بصاع النبي صلى الله عليه وسلم والصاع ثمانية أرطال جملتها نصف من وهو أربعة أمنان فيكون جملته ألفا ومائتي من وقال أبو يوسف الصاع خمسة أرطال وثلث رطل واحتجا في المسألة بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ولأبي حنيفة عموم قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض وقوله عز وجل وآتوا حقه يوم حصاده وقول النبي صلى الله عليه وسلم ما سقته السماء ففيه العشر وما سقى بغرب أو دالية ففيه نصف العشر من غير فصل بين القليل والكثير ولان سبب الوجوب وهي الأرض النامية بالخارج لا يوجب التفصيل بين القليل والكثير وأما الحديث فالجواب عن التعلق به من وجهين أحدهما انه من الآحاد فلا يقبل في معارضة الكتاب والخبر المشهور فان قيل ما تلوتم من الكتاب وورثتم من السنة يقتضيان الوجوب من غير التعرض لمقدار الموجب منه وما روينا يقتضى المقدار فكان بيانا لمقدار ما يحب فيه العشر والبيان بخبر الواحد جائز كبيان المجمل والمتشابه فالجواب انه لا يمكن حمله على البيان لان ما تمسكنا به عام يتناول ما يدخل تحت الوسق ومالا يدخل وما رويتم من خبر المقدار خاص فيما يدخل تحت الوسق فلا يصلح بيانا للقدر الذي يجب فيه العشر لان من شأن البيان أن يكون شاملا لجميع ما يقتضى البيان وهذا ليس كذلك على ما بينا فعلم أنه لم يرد مورد البيان والثاني ان المراد من الصدقة الزكاة لان مطلق اسم الصدقة لا يتصرف الا إلى الزكاة المعهودة ونحن به نقول إن ما دون خمسة أوسق من طعام أو تمر للتجارة لا يجب فيه الزكاة ما لم يبلغ قيمتها مائتي درهم أو يحتمل الزكاة فيحمل عليها عملا بالدلائل بقدر الامكان ثم نذكر فروع مذهب أبي يوسف ومحمد في فصلى الخلاف وما فيه
(٥٩)