بين أن يكون له أو لمولاه لجواز ان يعجز نفسه ولا يدفع إلى والده وان علا ولا إلى ولده وان سفل لأنه ينتفع بملكه فكان الدفع إليه دفعا إلى نفسه من وجه فلا يقع تمليكا مطلقا ولهذا لا تقبل شهادة أحدهما لصاحبه ولا يدفع أحد الزوجين زكاته إلى الآخر وقال أبو يوسف ومحمد تدفع الزوجة زكاتها إلى زوجها احتجا بما روى أن امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصدقة على زوجها عبد الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم لك أجران أجر الصدقة وأجر الصلة ولأبي حنيفة ان أحد الزوجين ينتفع بمال صاحبه كما ينتفع بمال نفسه عرفا وعادة فلا يتكامل معنى التمليك ولهذا لم يجز للزوج ان يدفع إلى زوجته كذا الزوجة وتخرج هذه المسائل على أصل آخر سنذكره والله أعلم * (فصل) * وأما شرائط الركن فأنواع بعضها يرجع إلى المؤدى وبعضها يرجع إلى المؤدى وبعضها يرجع إلى المؤدى إليه أما الذي يرجع إلى المؤدى فنية الزكاة والكلام في النية في موضعين في بيان ان النية شرط جواز أداء الزكاة وفي بيان وقت نية الأداء اما الأول فالدليل عليه قوله صلى الله عليه وسلم لا عمل لمن لا نية له وقوله إنما الأعمال بالنيات ولان الزكاة عبادة مقصودة فلا تتأدى بدون النية كالصوم والصلاة ولو تصدق بجميع ماله على فقير ولم ينو الزكاة أجزأه عن الزكاة استحسانا والقياس ان لا يجوز وجه القياس ما ذكرنا أن الزكاة عبادة مقصودة فلا بد لها من النية وجه الاستحسان أن النية وجدت دلالة لأن الظاهر أن من عليه الزكاة لا يتصدق بجميع ماله ويغفل عن نية الزكاة فكانت النية موجودة دلالة وعلى هذا إذا وهب جميع النصاب من الفقير أو نوى تطوعا وروى عن أبي يوسف انه ان نوى ان يتصدق بجميع ماله فتصدق شيئا فشيئا أجزأه عن الزكاة لما قلنا وان لم ينو أن يتصدق بجميع ماله فجعل يتصدق حتى أتى عليه ضمن الزكاة لان الزكاة بقيت واجبة عليه بعدما تصدق ببعض المال فلا تسقط بالتصدق بالباقي ولو تصدق ببعض ماله من غير نية الزكاة حتى لم يجزئه عن زكاة الكل فهل يجزئه عن زكاة القدر الذي تصدق به قال أبو يوسف لا يجزئه وعليه ان يزكى الجميع وقال محمد يجزئه عن زكاة ما تصدق به ويزكى ما بقي حتى أنه لو أدى خمسة من مائتين لا ينوى الزكاة أو نوى تطوعا لا تسقط عنه زكاة الخمسة في قول أبى يوسف وعليه زكاة الكل وعند محمد تسقط عنه زكاة الخمسة وهو ثمن درهم ولا يسقط عنه زكاة الباقي وكذا لو أدى مائة لا ينوى الزكاة ونوى تطوعا لا تسقط زكاة المائة وعليه ان يزكى الكل عند أبي يوسف وعند محمد يسقط عنه زكاة ما تصدق وهو درهمان ونصف ولا يسقط عنه زكاة الباقي كذا ذكر القدوري الخلاف في شرحه مختصر الكرخي وذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي انه يسقط عنه زكاة القدر المؤدى ولم يذكر الخلاف وجه قول محمد اعتبار البعض بالكل وهو انه لو تصدق بالكل لجاز عن زكاة الكل فإذا تصدق بالبعض يجوز عن زكاته لان الواجب شائع في جميع النصاب ولأبي يوسف ان سقوط الزكاة بغير نية لزوال ملكه على وجه القربة عن المال الذي فيه الزكاة ولم يوجد ذلك في التصدق بالبعض ولو تصدق بخمسة ينوى بجميعها الزكاة والتطوع كانت من الزكاة في قول أبى يوسف وقال محمد هي من التطوع وجه قول محمد ان النيتين تعارضتا فلم يصح التعيين للتعارض فالتحق بالعدم فبقي التصدق بنية مطلقة فيقع عن التطوع لأنه أدنى والأدنى متيقن به وجه قول أبى يوسف ان عند تعارض الجهتين يعمل بالأقوى وهو الفرض كما في تعارض الدليلين انه يعمل بأقواهما ولان التعيين يعتبر في الزكاة لا في التطوع لان التطوع لا يحتاج إلى التعيين الا ترى أن اطلاق الصدقة يقع عليه فلغا تعيينه وبقيت الزكاة متعينة فيقع عن الزكاة والمعتبر في الدفع نية الآمر حتى لو دفع خمسة إلى رجل وأمره ان يدفعها إلى الفقير عن زكاة ماله فدفع ولم تحضره النية عند الدفع جاز لأن النية إنما تعتبر من المؤدى والمؤدى هو الآمر في الحقيقة وإنما المأمور نائب عنه في الأداء ولهذا لو وكل ذميا بأداء الزكاة جاز لان المؤدى في الحقيقة هو المسلم وذكر في الفتاوى عن الحسن بن زياد في رجل أعطى رجلا دراهم ليتصدق بها تطوعا ثم نوى الآمر أن يكون ذلك من زكاة ماله ثم تصدق المأمور جاز عن زكاة مال الآمر وكذا
(٤٠)