الحاكم كذا إذا أقامها عن مجلسها بعض أعوان القاضي قبل الاختيار لأنها كانت قادرة على الاختيار قبل الإقامة فدل امتناعها مع القدرة على الرضا بالنكاح وجه ظاهر الرواية وهو الفرق بين هذا الخيار وبين خيار المخيرة ان خيار المخيرة إنما اقتصر على المجلس لان الزوج بالتخيير ملكها بالطلاق إذ المالك للشئ هو الذي يتصرف فيه باختياره ومشيئته فكان التخيير من الزوج تمليكا للطلاق وجواب التمليك يقتصر على المجلس لان المملك يطلب جواب التمليك في المجلس عادة ولهذا يقتصر القبول على المجلس في البيع كذا ههنا والتخيير من القاضي تفويض الطلاق وليس بتمليك لأنه لا يملك الطلاق بنفسه لان الزوج ما ملكه الطلاق وإنما فوض إليه التطليق وولاه ذلك فيلي التفويض لا التمليك وإذا لم يملك بنفسه فكيف يملكه من غيره فهو الفرق بين التخييرين والله أعلم والمؤخذ والخصي في جميع ما وصفنا مثل العنين لوجود الآلة في حقهما فكانا كالعنين وكذلك الخنثى وأما المجبوب فإنه إذا عرف انه مجبوب اما باقراره أو بالمس فوق الإزار فإن كانت المرأة عالمة بذلك وقت النكاح فلا خيار لها لرضاها بذلك وان لم تكن عالمة به فإنها تخير للحال ولا يؤجل حولا لان التأجيل لرجاء الوصول ولا يرجئ منه الوصول فلم يكن التأجيل مفيدا فلا يؤجل وان اختارت الفرقة وفرق القاضي بينهما أو لم يفرق على الاختلاف الذي ذكرنا فلها كمال المهر وعليها كمال العدة إن كان قد خلى بها في قول أبي حنيفة وعندهما لها نصف المهر وعليها كمال العدة وإن كان لم يخل بها فلها نصف المهر ولا عدة عليها بالاجماع وقد ذكرنا ذلك فيما تقدم * (فصل) * وأما خلو الزوج عما سوى هذه العيوب الخمسة من الجب والعنة والتأخذ والخصاء والخنوثة فهل هو شرط لزوم النكاح قال أبو حنيفة وأبو يوسف ليس بشرط ولا يفسخ النكاح به وقال محمد خلوه من كل عيب لا يمكنها المقام معه الا بضرر كالجنون والجذام والبرص شرط لزوم النكاح حتى يفسخ به النكاح وخلوه عما سوى ذلك ليس بشرط وهو مذهب الشافعي (وجه) قول محمد ان الخيار في العيوب الخمسة إنما ثبت لدفع الضرر عن المرأة وهذه العيوب في الحاق الضرر بها فوق تلك لأنها من الأدواء المتعدية عادة فلما ثبت الخيار بتلك فلان يثبت بهذه أولى بخلاف ما إذا كانت هذه العيوب في جانب المرأة لان الزوج وإن كان يتضرر بها لكن يمكنه دفع الضرر عن نفسه بالطلاق فان الطلاق بيده والمرأة لا يمكنها ذلك لأنها لا تملك الطلاق فتعين الفسخ طريقا لدفع الضرر ولهما ان الخيار في تلك العيوب ثبت لدفع ضرر فوات حقها المستحق بالعقد وهو الوطئ مرة واحدة وهذا الحق لم يفت بهذه العيوب لان الوطئ يتحقق من الزوج مع هذه العيوب فلا يثبت الخيار هذا في جانب الزوج (وأما) في جانب المرأة فخلوها عن العيب ليس بشرط للزوم النكاح بلا خلاف بين أصحابنا حتى لا يفسخ النكاح بشئ من العيوب الموجودة فيها وقال الشافعي خلو المرأة عن خمسة عيوب بها شرط اللزوم ويفسخ النكاح بها وهي الجنون والجذام والبرص والرتق والقرن واحتج بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال فر من المجذوم فرارك من الأسد والفسخ طريق الفرار ولو لزم النكاح لما أمر بالفرار وروى أنه صلى الله عليه وسلم تزوج امرأة فوجد بياضا في كشحها فردها وقال لها الحقي بأهلك ولو وقع النكاح لازما لما رد ولان مصالح النكاح لا تقوم مع هذه العيوب أو تختل بها لان بعضها مما ينفر عنها الطباع السليمة وهو الجذام والجنون والبرص فلا تحصل الموافقة فلا تقوم المصالح أو تختل وبعضها مما يمنع من الوطئ وهو الرتق والقرن وعامة مصالح النكاح يقف حصولها على الوطئ فان العفة عن الزنا والسكن والولد لا يحصل الا بالوطئ ولهذا يثبت الخيار في العيوب الأربعة كذا ههنا (ولنا) ان النكاح لا يفسخ بسائر العيوب فلا يفسخ بهذه العيوب أيضا لان المعنى يجمعها وهو ان العيب لا يفوت ما هو حكم هذا العقد من جانب المرأة وهو الازدواج الحكمي وملك الاستمتاع وإنما يختل ويفوت به بعض ثمرات العقد وفوات جميع ثمرات هذا العقد لا يوجب حق الفسخ بان مات أحد الزوجين عقيب العقد حتى يجب عليه كمال المهر ففوات بعضها أولى وهذا لان الحكم الأصلي للنكاح هو الازدواج الحكمي وملك الاستمتاع شرع مؤكدا له والمهر يقابل
(٣٢٧)