الأب والجد وولايتهما ملزمة كذلك ولاية الحاكم (وجه) رواية الأصل أن ولاية الأخ والعم أقوى من ولاية الحاكم بدليل انهما يتقدمان عليه حتى لا يزوج الحاكم مع وجودهما ثم ولايتهما غير ملزمة فولاية الحاكم أولى وإذا ثبت الخيار لكل واحد منهما وهو اختيار النكاح أو الفرقة فيقع الكلام بعد هذا في موضعين أحدهما في بيان وقت ثبوت الخيار والثاني في بيان ما يبطل به الخيار أما الأول فالخيار يثبت بعد البلوغ لا قبله حتى لو رضيت بالنكاح قبل البلوغ لا يعتبر ويثبت الخيار بعد البلوغ لان أهلية الرضا تثبت بعد البلوغ لا قبله فيثبت الخيار بعد البلوغ لا قبله وأما الثاني فما يبطل به الخيار نوعان نص ودلالة أما النص فهو صريح الرضا بالنكاح نحو أن تقول رضيت بالنكاح واخترت النكاح أو أجزته وما يجرى هذا المجرى فيبطل خيار الفرقة ويلزم النكاح وأما الدلالة فنحو السكوت من البكر عقيب البلوغ لان سكوت البكر دليل الرضا بالنكاح لما ذكرنا فيما تقدم أن البكر لغلبة حيائها تستحى عن اظهار الرضا بالنكاح فاما سكوت الثيب فإن كان وطئها قبل البلوغ فبلغت وهي ثيب فسكتت عقيب البلوغ فلا يبطل به الخيار لأنها لا تستحى عن اظهار الرضا بالنكاح عادة لان بالثيابة قل حياؤها فلا يصح سكوتها دليلا على الرضا بالنكاح فلا يبطل خيارها الا بصريح الرضا بالنكاح أو بفعل أو بقول يدل على الرضا نحو التمكين من الوطئ وطلب المهر والنفقة وغير ذلك وكذا سكوت الغلام بعد البلوغ لان الغلام لا يستحى عن اظهار الرضا بالنكاح إذ ذاك دليل الرجولية فلا يسقط خياره الا بنص كلامه أو بما يدل على الرضا بالنكاح من الدخول بها وطلب التمكن منها وادرار النفقة عليها ونحو ذلك ثم العلم بالنكاح شرط بطلان الخيار من طريق الدلة حتى لو لم تكن عالمة بالنكاح لا يبطل الخيار لان بطلان الخيار لوجود الرضا منها دلالة والرضا بالشئ قبل العلم به لا يتصور إذ هو استحسان الشئ ومن لم يعلم بشئ كيف يستحسنه فإذا كانت عالمة بالنكاح ووجد منها دليل الرضا بالنكاح بطل خيارها ولا يمتد هذا الخيار إلى آخر المجلس بل يبطل بالسكوت من البكر بخلاف خيار العتق وخيار المخيرة لان التخيير هناك وجد من العبد وهو الزوج أو المولى أما في الزوج فظاهر وكذا في المولى لان الخيار يثبت بالعتق والعتق حصل باعتاقه والتخيير من العبد تمليك فيقتضى جوابا في المجلس فيمتد إلى آخر المجلس كخيار القبول في البيع بخلاف خيار البلوغ لأنه ما ثبت بصنع العبد بل باثبات الشرع فلم يكن تمليكا فلا يمتد إلى آخر المجلس وان لم تكن عالمة بالنكاح فلها الخيار حين تعلم بالنكاح ثم خيار البلوغ يثبت للذكر والأنثى وخيار العتق لا يثبت الا للمعتقة لان خيار البلوغ يثبت لقصور الولاية وذا لا يختلف بالذكورة والأنوثة وخيار العتق ثبت لزيادة الملك عليها بالعتق وذا يختص بها وكذا خيار البلوغ للذكر والأنثى إذا كانت الأنثى ثيبا لا يبطل بالقيام عن المجلس وخيار العتق والمخيرة يبطل والفرق على نحو ما ذكرنا من خيار البكر وخيار العتق وخيار المخيرة أن الأول يبطل بالسكوت والثاني لا يبطل وأما العلم بالخيار فليس بشرط والجهل به ليس بعذر لان دار الاسلام دار العلم بالشرائع فيمكن الوصول إليها بالتعلم فكان الجهل بالخيار في غير موضعه فلا يعتبر ولهذا لا يعذر العوام في دار الاسلام بجهلهم بالشرائع بخلاف خيار العتق فان العلم بالخيار هناك شرط والجهل به عذر وإن كان دار الاسلام دار العلم بالشرائع والأحكام لان الوصول إليها ليس من طريق الضرورة بل بواسطة التعلم والأمة لا تتمكن من التعلم لأنها لا تتفرغ لذلك لاشتغالها بخدمة مولاها بخلاف الحرة ثم إذا اختار أحدهما الفرقة فهذه الفرقة لا تثبت الا بقضاء القاضي بخلاف خيار العتق فان المعتقة إذا اختارت نفسها تثبت الفرقة بغير قضاء القاضي (وجه) الفرق ان أصل النكاح ههنا ثابت وحكمه نافذ وإنما الغائب وصف الكمال وهو صفة اللزوم فكان الفسخ من أحد الزوجين رفع الأصل بفوات الوصف وفوات الوصف لا يوجب رفع الأصل لما فيه من جعل الأصل تبعا للوصف وليس له هذه الولاية وبه حاجة إلى ذلك فلا بد من رفعه إلى من له الولاية العامة وهو القاضي ليرفع النكاح دفعا لحاجة الصغير الذي بلغ ونظرا له بخلاف خيار العتق لان الملك ازداد عليها بالعتق ولها أن لا ترضى بالزيادة فكان لها أن تدفع الزيادة ولا يمكن دفعها الا
(٣١٦)