والثانية تستحق الكل فاستحقاق بعض المهر لما منع عن استحقاق المتعة فاستحقاق الكل أولى واما الآية الكريمة فيحمل ذكر المتاع فيها على الندب والاستحباب ونحن به نقول إنه يندب الزوج إلى ذلك كما يندب إلى أداء المهر على الكمال في غير المدخول بها أو يحمل على النفقة والكسوة في حال قيام العدة ولان كل ذلك متاع إذ المتاع اسم لما ينتفع به عملا بالدلائل كلها بقدر الامكان وكل فرقة جاءت من قبل الزوج بعد الدخول تستحب فيها المتعة الا ان يرتد أو يأبى الاسلام لان الاستحباب طلب الفضيلة والكافر ليس من أهل الفضيلة (واما) تفسير المتعة الواجبة فقد قال أصحابنا انها ثلاثة أثواب درع وخمار وملحفة وهكذا روى عن الحسن وسعيد بن المسيب وعطاء والشعبي وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال أرفع المتعة الخادم ثم دون ذلك الكسوة ثم دون ذلك النفقة وقال الشافعي ثلاثون درهما له ما روى عن أبي مجلز أنه قال قلت لابن عمر رضي الله عنهما أخبرني عن المتعة وأخبرني عن قدرها فانى موسر فقال اكس كذا اكس كذا اكس كذا قال فحسبت ذلك فوجدته قدر ثلاثين درهما فدل انها مقدرة بثلاثين درهما (ولنا) قوله تعالى في آية المتعة متاعا بالمعروف حقا على المحسنين والمتاع اسم للعروض في العرف ولان لايجاب الأثواب نظيرا في أصول الشرع وهو الكسوة التي تجب لها حال قيام النكاح والعدة وأدنى ما تكتسي به المرأة وتستتر به عند الخروج ثلاثة أثواب ولا نظير لايجاب الثلاثين فكان ايجاب ماله نظير أولى وقول عبد الله ابن عمر دليلنا لأنه أمره بالكسوة لا بدراهم مقدرة الا انه اتفق ان قيمة الكسوة بلغت ثلاثين درهما وهذا لا يدل على أن التقدير فيها بالثلاثين ولو أعطاها قيمة الأثواب دراهم أو دنانير تجبر على القبول لان الأثواب ما وجبت لعينها بل من حيث إنها مال كالشاة في خمس من الإبل في باب الزكاة واما بيان من تعتبر المتعة بحاله فقد اختلف العلماء فيه قال بعضهم قدر المتعة يعتبر بحال الرجل في يساره واعساره وهو قول أبى يوسف وقال بعضهم تعتبر بحال المرأة في يسارها واعسارها وقال بعضهم تعتبر بحالهما جميعا وقال بعضهم المتعة الواجبة تعتبر بحالها والمستحبة تعتبر بحاله (وجه) قول من اعتبر حال الرجل قوله تعالى ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره جعل المتعة على قدر حال الرجل في يساره واعساره (وجه) قول من قال باعتبار حالها أن المتعة بدل بضعها فيعتبر حالها وهذا أيضا وجه من يقول المتعة الواجبة تعتبر بحالها وقوله المتعة المستحبة تعتبر بحاله لا معنى له لان التقدير في الواجب لا في المستحب (وجه) من اعتبر حالهما أن الله تعالى اعتبر في المتعة شيئين أحدهما حال الرجل في يساره واعساره بقوله عز وجل على الموسع قدره وعلى المقتر قدره والثاني أن يكون مع ذلك بالمعروف بقوله متاعا بالمعروف فلو اعتبرنا فيها حال الرجل دون حالها عسى أن لا يكون بالمعروف لأنه يقتضى أنه لو تزوج رجل امرأتين أحدهما شريفة والأخرى مولاة دنيئة ثم طلقهما قبل الدخول بهما ولم يسم لهما أن يستويا في المتعة باعتبار حال الرجل وهذا منكر في عادات الناس لا معروف فيكون خلاف النص ثم المتعة الواجبة لا تزاد على نصف مهر المثل بل هو نهاية المتعة لا مزيد عليه لان الحق عند التسمية آكد وأثبت منه عند عدم التسمية لان الله تعالى أوجب المتعة على قدر احتمال ملك الزوج بقوله عز وجل على الموسع قدره وعلى المقتر قدره فأوجب نصف المسمى مطلقا احتمله وسع الزوج وملكه أو لا وكذا في وجوب كمال مهر المثل وسقوطه ووجوب المتعة في نكاح لا تسمية فيه وعدم أحد الزوجين اختلاف بين العلماء ولا خلاف في وجوب كمال المسمى من ذلك في نكاح فيه تسمية دل أن الحق أوكد وأثبت عند التسمية ثم لا يزاد هناك على نصف المسمى فلان لا يزاد ههنا على نصف مهر المثل أولى ولان المتعة بدل عن نصف مهر المثل ولا يزاد البدل على الأصل ولا ينقص من خمسة دراهم لأنها تجب على طريق العوض وأقل عوض يثبت في النكاح نصف العشرة والله أعلم * (فصل) * وأما حكم اختلاف الزوجين في المهر فجملة الكلام فيه أن الاختلاف في المهر اما أن يكون في حال حياة الزوجين واما أن يكون بعد موت أحدهما بين الحي منهما وورثة الميت واما أن يكون بعد موتهما بين ورثتهما فإن كان
(٣٠٤)