على وعبد الله بن عباس وزيد بن ثابت رضي الله عنهم (وجه) قوله إن المحرم هو الجمع بين الأختين في النكاح والنكاح قد زال من كل وجه لوجود المزيل له وهو الطلاق الثلاث أو البائن ولهذا لو وطئها بعد الطلاق الثلاث مع العلم بالحرمة لزمه الحد فلم يتحقق الجمع في النكاح فلا تثبت الحرمة ولنا ان ملك الحبس والعبد قائم فان الزوج يملك منعها من الخروج والبروز وحرمة التزوج بزوج آخر ثابتة والفراش قائم حتى لو جاءت بولد إلى سنتين من وقت الطلاق وقد كان قد دخل بها يثبت النسب فلو جاز النكاح لكان النكاح جمعا بين الأختين في هذه الأحكام فيدخل تحت النص ولأن هذه أحكام النكاح لأنها شرعت وسيلة إلى أحكام النكاح فكان النكاح قائما من وجه ببقاء بعض أحكامه والثابت من وجه ملحق بالثابت من وجه في باب الحرمة احتياطا الا ترى انه ألحقت الام والبنت من وجه بالرضاعة بالأم والبنت من كل وجه بالقرابة وألحقت المنكوحة من وجه وهي المعتدة بالمنكوحة من كل وجه في حرمة النكاح كذا هذا ولان الجمع قبل الطلاق إنما حرم لكونه مفضيا إلى قطيعة الرحم لأنه يورث الضغينة وانها تفضى إلى القطيعة والضغينة ههنا أشد لان معظم النعمة وهو ملك الحل الذي هو سبب اقتضاء الشهوة قد زال في حق المعتدة وبنكاح الثانية يصير جميع ذلك لها وتقوم مقامها وتبقى هي محرومة الحظ للحال من الأزواج فكانت الضغينة أشد فكانت أدعى إلى القطيعة بخلاف ما بعد انقضاء العدة لان هناك لم يبق شئ من علائق الزوج الأول فكان لها سبيل الوصول إلى زوج آخر فتستوفي حظها من الثاني فتسلى به فلا تلحقها الضغينة أو كانت أقل منه في حال قيام العدة فلا يستقيم الاستدلال ولو خلا بامرأته ثم طلقها لم يتزوج أختها حتى تنقضي عدتها لأنه وجبت عليها العدة بالخلوة فيمنع نكاح الأخت كما لو وجبت بالدخول حقيقة (فصل) وأما الجمع في الوطئ بملك اليمين فلا يجوز عند عامة الصحابة مثل عمر وعلى وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم وروى عن عثمان رضي الله عنه أنه قال كل شئ حرمه الله تعالى من الحرائر حرمه الله تعالى من الإماء الا الجمع أي الجمع في الوطئ بملك اليمين وروى أن رجلا سأل عثمان رضي الله عنه عن ذلك فقال ما إحسان أحله ولكن أحلتهما آية وحرمتهما آية وأما أنا فلا أفعله فخرج الرجل من عنده فلقي عليا فذكر له ذلك فقال لو أن لي من الامر شئ لجعلت من فعل ذلك نكالا وقول عثمان رضي الله عنه أحلتهما آية وحرمتهما آية عنى بآية التحليل قوله عز وجل الا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين وبآية التحريم قوله عز وجل وان تجمعوا بين الأختين الا ما قد سلف وذلك منه إشارة إلى تعارض دليلي الحل والحرمة فلا تثبت الحرمة مع التعارض ولعامة الصحابة رضي الله عنهم الكتاب العزيز والسنة اما الكتاب فقوله عز وجل وان تجمعوا بين الأختين والجمع بينهما في الوطئ جمع فيكون حراما وأما السنة فما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجمعن ماءه في رحم أختين واما قول عثمان رضي الله عنه أحلتهما آية وحرمتهما آية فالأخذ بالمحرم أولى عند التعارض احتياطا للحرمة لأنه يلحقه المأثم بارتكاب المحرم ولا مأثم في ترك المباح ولان الأصل في الايضاع هو الحرمة والإباحة بدليل فإذا تعارض دليل الحل والحرمة تدافعا فيجب العمل بالأصل وكما لا يجوز الجمع بينهما في الوطئ لا يجوز في الدواعي من اللمس والتقبيل والنظر إلى الفرج عن شهوة لان الدواعي إلى الحرام حرام إذا عرف هذا فنقول إذا ملك أختين فله أن يطأ إحداهما لان الأمة لا تصير فراشا بالملك وإذا وطئ إحداهما ليس له ان يطأ الأخرى بعد ذلك لأنه لو وطئ لصار جامعا بينهما في الوطئ حقيقة وكذا إذا ملك جارية فوطئها ثم ملك أختها كان له ان يطأ الأولى لما قلنا وليس له أن يطأ الأخرى بعد ذلك ما لم يحرم فرج الأولى على نفسه اما بالتزويج أو بالاخراج عن ملكه بالاعتاق أو بالبيع أو بالهبة أو بالصدقة لأنه لو وطئ الأخرى لصار جامعا بينهما
(٢٦٤)