النبي صلى الله عليه وسلم التحلل والحج من قابل كل الحكم في فائت الحج بقوله من فاته الوقوف بعرفة بليل فقد فاته الحج وليحل بعمرة وعليه الحج من قابل فمن ادعى زيادة الدم فقد جعل الكل بعضا وهو نسخ أو تغيير فلابد له من دليل وقوله تحلل قبل الوقوف مسلم لكن بأفعال العمرة وهو فائت الحج والتحلل بأفعال العمرة من فائت الحج كالهدى في حق المحصر وليس على فائت الحج طواف الصدر لأنه طواف عرف وجوبه في الشرع بعد الفراغ من الحج على ما قال النبي صلى الله عليه وسلم من حج هذا البيت فليكن آخر عهده به الطواف وهذا لم يحج فلا يجب عليه وإن كان فائت الحج قارنا فإنه يطوف للعمرة ويسعى لها ثم يطوف طوافا آخر لفوات الحج ويسعى له ويحلق أو يقصر وقد بطل عنه دم القران أما الطواف للعمرة والسعي لها فلان القارن محرم بعمرة وحجة والعمرة لا تفوت لان جميع الأوقات وقتها فيأتي بها كما يأتي المدرك للحج وأما الطواف والسعي للحج فلان الحجة قد فاتته في هذه السنة بعد الشروع فيها وفائت الحج بعد الشروع فيه لا يتحلل بأفعال العمرة فيطوف ويسعى ويحلق أو يقصر وأما سقوط دم القران يجب للجمع بين العمرة والحج ولم يوجد فلا يجب ويقطع التلبية إذا أخذ في الطواف الذي يتجلل به على ما ذكرنا فيما تقدم وإن كان متمتعا ساق الهدى بطل تمتعه ويصنع كما يصنع القارن لان دم المتعة يجب للجمع بين العمرة والحجة ولم يوجد الجمع لان الحجة فاتته * (فصل) * وأما بيان حكم فوات الحج عن العمرة فنقول من عليه الحج إذا مات قبل أدائه فلا يخلوا ما ان مات من غير وصية واما ان مات عن وصية فان مات من غير وصية يأثم بلا خلاف أما على قول من يقول بالوجوب على الفور فلا يشكل وأما على قول من يقول بالوجوب على التراخي فلان الوجوب يضيق عليه في آخر العمر في وقت يحتمل الحج وحرم عليه التأخير فيجب عليه أن يفعل بنفسه إن كان قادرا وإن كان عاجزا عن الفعل بنفسه عجزا مقرر أو يمكنه الأداء بماله بإنابة غيره مناب نفسه بالوصية فيجب عليه أن يوصى به فإن لم يوص به حتى مات اثم بتفويته الفرض عن وقته مع امكان الأداء في الجملة فيأثم لكن يسقط عنه في حق أحكام الدنيا عندنا حتى لا يلزم الوارث الحج عنه من تركته لأنه عبادة والعبادات تسقط بموت من عليه سواء كانت بدنية أو مالية في حق أحكام الدنيا عندنا وعند الشافعي لا تسقط ويؤخذ من تركته قدر ما يحج به ويعتبر ذلك من جميع المال وهذا على الاختلاف في الزكاة والصوم والعشر والنذور والكفارات ونحو ذلك وقد ذكرنا المسألة في كتاب الزكاة وان أحب الوارث أن يحج عنه حج وأرجو أن يجزيه ذلك إن شاء الله تعالى كذا ذكر أبو حنيفة أما الجواز فلما روى أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله ان أمي ماتت ولم تحج أفأحج عنها فقال نعم فقد أجاز النبي صلى الله عليه وسلم حج الرجل عن أمه ولم يستفسر أنها ماتت عن وصية أو لا عن وصية ولو كان الحكم يختلف لاستفسر وأما قران الاستثناء بالاجزاء فلان الحج كان واجبا على الميت قطعا والواجب على الانسان قطعا لا يسقط الا بدليل موجب للسقوط قطعا والموجب لسقوط الحج عن الميت بفعل الوارث بغير أمره من أخبار الآحاد وخبر الواحد يوجب علم العمل لا علم الشهادة لاحتمال عدم الثبوت وإن كان احتمالا مرجوحا لكن الاحتمال المرجوح يعتبر في علم الشهادة وإن كان لا يعتبر في علم العمل فعلق الاجزاء والسقوط بمشيئة الله تعالى احترازا عن الشهادة على الله تعالى من غير علم قطعي وهذا من كمال الورع والاحتياط في دين الله تعالى ولأن الظاهر من حال من عليه الحج إذا عجز عن الأداء بنفسه حتى أدركه الموت وله مال انه يأمر وارثه بالحج عنه تفريغا لذمته عن عهدة الواجب فكانت الوصية موجودة دلالة والثابت دلالة كالثابت نصا لكن الحق الاستثناء به لاحتمال العدم فان قيل لو كان الامر على ما ذكرتم هلا الحق الاستثناء بكل ما يثبت بخبر الواحد فالجواب انك أبعدت في القياس إذ لا كل خبر يرد بمثل هذا الحكم وهو سقوط الفرض ومحل سقوط الاستثناء هذا فان ثبت الاطلاق منه في مثله في موضع من غير تصريح بالاستثناء فذلك لوجود النية منه عليه في الحج فتقع
(٢٢١)