في جميع الأوقات الا الأوقات المستثناة ولا يجوز الا بنية معينة من الليل بخلاف الأداء ووجه الفرق ما ذكرنا والله الموفق وأما وجوب الفداء فشرطه العجز عن القضاء عجزا لا ترجى معه القدرة في جميع عمره فلا يجب الا على الشيخ الفاني ولا فداء على المريض والمسافر ولا على الحامل والمرضع وكل من يفطر لعذر ترجى معه القدرة لفقد شرطه وهو العجز المستدام وهذا لان الفداء خلف عن القضاء والقدرة على الأصل تمنع المصير إلى الخلف كما في سائر الاخلاف مع أصولها ولهذا قلنا إن الشيخ الفالى إذا فدى ثم قدر على الصوم بطل الفداء وأما الصوم المنذور في وقت بعينه فهو كصوم رمضان في وجوب القضاء إذا فات عن وقته وقدر على القضاء وان فات بعضه يلزمه قضاء ما فاته لا غير ولا يلزمه الاستقبال كصوم رمضان بخلاف ما إذا أوجب على نفسه صوم شهر متتابعا فأفطر يوما انه يلزمه الاستقبال والفرق بينهما قد تقدم ولو مات قبل ممر الوقت فلا قضاء عليه لان الايجاب مضاف إلى زمان متعين فإذا مات قبله لم يجب عليه فلا يلزمه شئ كما لو مات قبل دخول رمضان وكذلك إذا أدرك الوقت وهو مريض ثم مات قبل أن يبرأ فلا قضاء عليه فان برأ قبل الموت فعليه القضاء كما في صوم رمضان ولو نذر وهو صحيح وصام بعض الشهر وهو صحيح ثم مرض فمات قبل تمام الشهر يلزمه أن يوصى بالفدية لما بقي من الشهر ولو نذر وهو مريض ثم مات قبل أن يصح لا يلزمه شئ بلا خلاف ولو صح يوما يلزمه أن يوصى بالفدية لجميع الشهر في قول أبي حنيفة وأبى يوسف وعند محمد بقدر ما صح وقد ذكرنا المسألة والله أعلم * (فصل) * وأما بيان ما يسن وما يستحب للصائم وما يكره له أن يفعله فنقول يسن للصائم السحور لما روى عن عمرو بن العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن فصلا بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحور ولأنه يستعان به على صيام النهار واليه أشار النبي صلى الله عليه وسلم في الندب إلى السحور فقال استعينوا بقائلة النهار على قيام الليل وبأكل السحور على صيام النهار والسنة فيها هو التأخير لان معنى الاستعانة فيه أبلغ وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ثلاث من سنن المرسلين تأخير السحور وتعجيل الافطار ووضع اليمين على الشمال تحت السرة في الصلاة وفى رواية قال ثلاث من أخلاق المرسلين ولو شك في طلوع الفجر فالمستحب له أن لا يأكل هكذا روى أبو يوسف عن أبي حنيفة أنه قال إذا شك في الفجر فأحب إلى أن يدع الاكل لأنه يحتمل ان الفجر قد طلع فيكون الاكل افسادا للصوم فيتحرز عنه والأصل فيه ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لوابصة بن معبد الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات فدع ما يريك إلى مالا يريك ولو أكل وهو شاك لا يحكم عليه بوجوب القضاء عليه لان فساد الصوم مشكوك فيه لوقوع الشك في طلوع الفجر مع أن الأصل هو بقاء الليل فلا يثبت النهار بالشك وهل يكره الاكل مع الشك روى هشام عن أبي يوسف انه يكره وروى ابن سماعة عن محمد انه لا يكره والصحيح قول أبى يوسف وهكذا روى الحسن عن أبي حنيفة انه إذا شك فلا يأكل وان أكل فقد أساء لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ألا ان لكل ملك حمى ألا وان حمى الله محارمه فمن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه والذي يأكل مع الشك في طلوع الفجر يحوم حول الحمى فيوشك أن يقع فيه فكان بالاكل معرضا صومه للفساد فيكره له ذلك وعن الفقيه أبى جعفر الهندواني انه لو ظهر على امارة الطلوع من ضرب الدبداب والاذان يكره والا فلا ولا تعويل على ذلك لأنه مما يتقدم ويتأخر هذا إذا تسحر وهو شاك في طلوع الفجر فاما إذا تسحر وأكبر رأيه ان الفجر طالع فذكر في الأصل وقال إن الاحب الينا أن يقضى وروى الحسن عن أبي حنيفة انه يقضى وذكر القدوري ان الصحيح انه لا قضاء عليه وجه رواية الأصل انه على يقين من الليل فلا يبطل الا بيقين مثله وجه رواية الحسن ان غالب الرأي دليل واجب العمل به بل هو في حق وجوب العمل في الأحكام بمنزلة اليقين وعلى رواية الحسن اعتمد شيخنا رحمه الله ويسن تعجيل الافطار إذا غربت الشمس هكذا روى عن أبي حنيفة أنه قال وتعجيل الافطار إذا غربت الشمس أحب الينا لما روينا من الحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم ثلاث من سنن المرسلين وذكر من جملتها تعجيل الافطار وروى عن النبي صلى الله
(١٠٥)