خصه الامام بتمليك البقعة منه فإن لم يعرف المختط له يصرف إلى أقصى مالك له يعرف في الاسلام كذا ذكر الشيخ الإمام الزاهد السرخسي رحمه الله هذا إذا وجد الكنز في دار الاسلام وأما المعدن فالخارج منه في الأصل نوعان مستجسد ومائع والمستجسد منه نوعان أيضا نوع يذوب بالإذابة وينطبع بالحلية كالذهب والفضة والحديد والرصاص والنحاس ونحو ذلك ونوع لا يذوب بالإذابة كالياقوت والبلور والعقيق والزمرد والفيروزج والكحل والمغرة والزرنيخ والجص والنورة ونحوها والمائع نوع آخر كالنفط والقار ونحو ذلك وكل ذلك لا يخلو اما ان وجده في دار الاسلام أو في دار الحرب في أرض مملوكة أو غير مملوكة فان وجد في دار الاسلام في أرض غير مملوكة فالموجود مما يذوب بالإذابة وينطبع بالحلية يجب فيه الخمس سواء كان ذلك من الذهب والفضة أو غيرهما مما يذوب بالإذابة وسواء كان قليلا أو كثيرا فأربعة أخماسه للواجد كائنا من كان الا الحربي المستأمن فإنه يسترد منه الكل الا إذا قاطعه الامام فان له أن يفي بشرطه وهذا قول أصحابنا رحمهم الله وقال الشافعي في معادن الذهب والفضة ربع العشر كما في الزكاة حتى شرط فيه النصاب فلم يوجب فيما دون المائتين وشرط بعض أصحابه الحول أيضا وأما غير الذهب والفضة فلا خمس فيه وأما عندنا فالواجب خمس الغنيمة في الكل لا يشترط في شئ منه شرائط الزكاة ويجوز دفعه إلى الوالدين والمولودين الفقراء كما في الغنائم ويجوز للواجد أن يصرف إلى نفسه إذا كان محتاجا ولا تغنيه الأربعة الأخماس احتج الشافعي بما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المعادن القليلة وكان يأخذ منها ربع العشر ولأنها من نماء الأرض وريعها فكان ينبغي أن يجب فيها العشر الا انه اكتفى بربع العشر لكثرة المؤنة في استخراجها ولنا ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال وفى الركاز الخمس وهو اسم للمعدن حقيقة وإنما يطلق على الكنز مجاز الدلائل أحدها انه مأخوذ من الركز وهو الاثبات وما في المعدن هو المثبت في الأرض لا الكنز لأنه وضع مجاورا للأرض والثاني ان رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يوجد من الكنز العادي فقال فيه وفى الركاز الخمس عطف الركاز على الكنز والشئ لا يعطف على نفسه هو الأصل فدل ان المراد منه المعدن والثالث ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال المعدن جبار والقليب جبار وفى الركاز الخمس قيل وما الركاز يا رسول الله فقال هو المال الذي خلقه الله تعالى في الأرض يوم خلق السماوات والأرض فدل على أنه اسم للمعدن حقيقة فقد أوجب النبي صلى الله عليه وسلم الخمس في المعدن من غير فصل بين الذهب والفضة وغيرهما فدل ان الواجب هو الخمس في الكل ولان المعادن كانت في أيدي الكفرة وقد زالت أيديهم ولم تثبت يد المسلمين على هذه المواضع لأنهم لم يقصدوا الاستيلاء على الجبال والمفاوز فبقي ما تحتها على حكم ملك الكفرة وقد استولى عليه على طريق القهر بقوة نفسه فيجب فيه الخمس ويكون أربعة أخماسه له كما في الكنز ولا حجة له في حديث بلال بن الحارث لأنه يحتمل انه إنما لم يأخذ منه ما زاد على ربع العشر لما علم من حاجته وذلك جائز عندنا على ما نذكره فيحمل عليه عملا بالدليلين وأما ما لا يذوب بالإذابة فلا خمس فيه ويكون كله للواجد لأنه الزرنيخ والجص والنورة ونحوها من أجزاء الأرض فكان كالتراب والياقوت والغصوص من جنس الأحجار الا انها أحجار مضيئة ولا خمس في الحجر وأما المائع كالقير والنفط فلا شئ فيه ويكون للواجد لأنه ماء وانه مما لا يقصد بالاستيلاء فلم يكن في يد الكفار حتى يكون من الغنائم فلا يجب فيه الخمس وأما الزئبق ففيه الخمس في قول أبي حنيفة الآخر وكأن يقول أولا لا خمس فيه وهو قول أبى يوسف الأول ثم رجع وقال فيه الخمس فان أبا يوسف قال سألت أبا حنيفة عن الزئبق فقال لا خمس فيه فلم أزل به حتى قال فيه الخمس وكنت أظن أنه مثل الرصاص والحديد ثم بلغني بعد ذلك أنه ليس كذلك وهو بمنزلة القير والنفط وجه قول أبي حنيفة الأول انه شئ لا ينطبع بنفسه فأشبه الماء وجه قوله الآخر وهو قول محمد انه ينطبع مع غيره وإن كان لا ينطبع بنفسه فأشبه الفضة لأنها لا تنطبع بنفسها لكن لما كانت تنطبع مع شئ آخر يخالطها من نحاس أو آنك وجب فيها الخمس كذا هذا هذا إذا وجد المعدن في دار الاسلام في أرض غير مملوكة فاما إذا وجده في أرض مملوكة أو دار أو منزل أو حانوت فلا خلاف في أن الأربعة
(٦٧)