الامام من صلاته ولم يقعد في الثانية لا يقعد هذا المقتدى في الثانية وروى عن زفر انه يقعد ذكر المسألة في النوادر وجه قول زفر ان القعدة الأولى واجبة في الصلاة ولا يجوز ترك الواجب الا لأمر فوقه كما إذا كان خلف الامام فترك الامام القعدة وقام بتركها المقتدى موافقة للامام فيما هو أعلى منه وهو القيام لكونه فرضا ولم يوجد هذا المعنى في اللاحق لان موافقة الامام بعد فراغه لا تتحقق فيجب عليه الاتيان بالقعدة ولنا أن اللاحق خلف الامام تقديرا حتى يسجد لسهو الامام ولا يسجد لسهو نفسه ولا يقرأ في القضا كأنه خلف الامام ولو كان خلفه حقيقة يترك القعدة متابعة للامام فكذا إذا كان خلفه تقديرا وإن كان اماما يستخلف ثم يتوضأ ويبنى على صلاته والامر في موضع البناء وكيفيته على نحو ما ذكرنا في المقتدى لأنه بالاستخلاف تحولت الإمامة إلى الثاني وصار هو كواحد من المقتدين به * (فصل) * ثم الكلام في الاستخلاف في مواضع أحدها في جواز الاستخلاف في الجملة والثاني في شرائط جوازه والثالث في بيان حكم الاستخلاف أما الأول فقد اختلف العلماء فيه قال علماؤنا يجوز وقال الشافعي لا يجوز ويصلى القوم وحدانا بلا امام وجه قوله أنه لا ولاية للامام إذ هو في نفسه بمنزلة المنفرد فلا يملك النقل إلى غيره وكذا القوم لا يملكون النقل وإنما تثبت الإمامة لا بتفويض منهم بل باقتدائهم به ولم يوجد الاقتداء بالثاني لان الاقتداء بالتكبيرة وهي منعدمة في حق الثاني بخلاف الإمامة الكبرى لأنهما عبارة عن ولايات تثبت له شرعا بالتفويض والبيعة كما يثبت للوكيل والقاضي فيقبل التمليك والعزل لنا ما روى عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا صلى أحدكم فقاء أو رعف في صلاته فليضع يده على فمه وليقدم من لم يسبق بشئ من صلاته ولينصرف وليتوضأ وليبن علي صلاته ما لم يتكلم وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أمر أبا بكر رضي الله عنه أن يصلى بالناس وجد في نفسه خفة فخرج يهادى بين اثنين وقد افتتح أبو بكر الصلاة فلما سمع حس رسول الله صلى الله عليه وسلم تأخر وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم وافتتح القراءة من الموضع الذي انتهى إليه أبو بكر وإنما تأخر لأنه عجز عن المضي لكون المضي من باب التقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله فصار هذا أصلا في حق كل امام عجز عن الاتمام أن يتأخر ويستخلف غيره وعن عمر رضي الله عنه انه سبقه الحدث فتأخر وقدم رجلا وعن عثمان رضي الله عنه مثله ولان بهم حاجة إلى اتمام صلاتهم بالامام وقد التزم الامام ذلك فإذا عجز عن الوفاء بما التزم بنفسه يستعين بمن يقدر عليه نظرا لهم كيلا تبطل عليهم الصلاة بالمنازعة وأما قوله إن الامام لا ولاية له فليس كذلك بل له ولاية المتبوعية في هذه الصلاة وأن لا تصح صلاتهم الا بناء على صلاته وان يقرأ فتصير قراءته قراءة لهم فإذا عجز عن الإمامة بنفسه ملك النقل إلى غيره فأشبه الإمامة الكبرى على أن هذا من باب الخلافة لا من باب التفويض والتمليك فان الثاني يخلف الأول في بقية صلاته كالوارث يخلف الميت فيما بقي من أمواله والخلافة لا تفتقر إلى الولاية والامر بل شرطها العجز وإنما التقديم من الامام للتعين كيلا تبطل بالمنازعة حتى أنه لو لم يبق خلفه الا رجل واحد يصير اماما وان لم يعينه ولا فوض إليه وكذا التقديم من القوم للتعين دون التفويض فصار كالإمامة الكبير فان البيعة للتعيين لا للتمليك ألا ترى أن الامام يملك أمورا لا تملكها الرعية وهي إقامة الحدود فكذا هذا فإن لم يستخلف الامام واستخلف القوم رجلا جاز ما دام الامام في المسجد لان الامام لو استخلف كان سعيه للقوم نظرا لهم كيلا تبطل عليهم الصلاة فإذا فعلوا بأنفسهم جاز كما في الإمامة الكبرى لو لم يستخلف الامام غيره ومات واجتمع أهل الرأي والمشورة ونصبوا من يصلح للإمامة جاز لان الأول لو فعل فعل لهم فجاز لهم أن يفعلوا لأنفسهم لحاجتهم إلى ذلك كذا هذا ولو تقدم واحد من القوم من غير استخلاف الامام وتقديم القوم والامام في المسجد جاز أيضا لان به حاجة إلى صيانة صلاته ولا طريق لها عند امتناع الامام عن الاستخلاف والقوم عن التقديم الا ذلك ولان القوم لما ائتموا به فقد رضوا بقيامه مقام الأول فجعل كأنهم قدموه ولو قدم الامام أو القوم رجلين فان وصل أحدهما
(٢٢٤)