الامام رجلا من الصفوف الخارجة لا يصح عندهما وعنده يصح وجه قول محمد ان مواضع الصفوف فما حكم المسجد ألا ترى انه لو صلى في الصحراء جاز استخلافه ما لم يجاوز الصفوف فجعل الكل كمكان واحد ولهما ان البقعة مختلفة حقيقة وحكما في الأصل الا أنه أعطى لها حكم الاتحاد إذا كانت الصفوف متصلة بالمسجد في حق الخارج عن المسجد خاصة لضرورة الحاجة إلى الأداء فلا يظهر الاتحاد في حق غيره ألا ترى ان الامام لو كبر يوم الجمعة وحده في المسجد وكبر القوم بتكبيرة خارج المسجد لم تنعقد الجمعة وإذا ظهر حكم اختلاف البقعة في حق المستخلف لم يصح الاستخلاف هذا إذا كان يصلى في المسجد فإن كان يصلى في الصحراء فمجاوزة الصفوف بمنزلة الخروج من المسجد ان مشى على يمينه أو على يساره أو خلفه فان مشى امامه وليس بين يديه سترة فان جاوز مقدار الصفوف التي خلفه أعطى له حكم الخروج عند بعضهم وهكذا روى عن أبي يوسف وعند بعضهم إذا جاوز موضع سجوده وإن كان بين يديه سترة يعطى لداخل السترة حكم المسجد لما مر ومنها أن يكون المقدم صالحا للخلافة حتى لو استخلف محدثا أو جنبا فسدت صلاته وصلاة القوم كذا ذكر في كتاب الصلاة في باب الحدث لان المحدث لا يصلح خليفة فكان اشتغاله باستخلاف من لا يصلح خليفة له عملا كثيرا ليس من أعمال الصلاة فكان اعراضا عن الصلاة فتفسد صلاته وتفسد صلاة القوم بفساد صلاته ولان الامام لما استخلفه فقد اقتدى به ومتى صار هو مقتديا به صار القوم أيضا مقتدين به والاقتداء بالمحدث والجنب لا يصح فتفسد صلاة الامام والقوم جميعا وهذا عندنا لان حدث الامام إذا تبين للقوم بعد الفراغ من الصلاة فصلاتهم فاسدة عندنا فكذا في حال الاستخلاف وعند الشافعي إذا اقتدوا به مع العلم بكونه محدثا لا يصح الاقتداء وإذا لم يعلموا به ثم علموا بعد الفراغ فصلاتهم تامة فكذا في حال الاستخلاف وقد ذكرنا المسألة فيما تقدم وذكر القدوري في شرحه مختصر الكرخي ما يدل على أن استخلاف المحدث صحيح حتى لا تفسد صلاته فإنه قال إذا قسم الامام رجلا والمقدم على غير وضوء فلم يقم مقامه ينوى أن يؤم الناس حتى قدم غيره صح الاستخلاف ولو لم يكن أهلا للخلافة لما صح استخلافه غيره ولفسدت صلاة الامام باستخلافه من لا يصلح للخلافة فتفسد صلاة القوم وحينئذ لا يصح استخلاف المقدم غيره ووجهه ان المقدم من أهل الإمامة في الجملة وإنما التعذر لمكان الحدث فصار أمره بمنزلة أمر الامام والأول أصح لما ذكرنا وكذلك لو قدم صبيا فسدت صلاته وصلاة القوم لان الصبي لا يصلح خليفة للامام في الفرض كما لا يصلح أصيلا في الإمامة في الفرائض وهذا على أصلنا أيضا فإنه لا يجوز اقتداء البالغ بالصبي في المكتوبة عندنا خلافا للشافعي بناء على أن اقتداء المفترض بالمتنفل لا يصح عندنا وعنده يصح وقد مرت المسألة وكذلك ان قدم الإمام المحدث امرأة فسدت صلاتهم جميعا من الرجال والنساء والامام والمقدم وقال زفر صلاة المقدم والنساء جائزة وإنما تفسد صلاة الرجال وجه قوله إن المرأة تصلح لامامة النساء في الجملة وإنما لا تصلح لامامة الرجال كما في الابتداء ولنا ان المرأة لا تصلح لامامة الرجال قال صلى الله عليه وسلم أخر وهن من حيث أخرهن الله فصار باستخلافه إياها معرضا عن الصلاة فتفسد صلاته وتفسد صلاة القوم بفساد صلاته لان الإمامة لم تتحول منه إلى غيره وكذلك لو قدم الأمي أو العاري أو المومى وقال زفر ان الامام إذا قرأ في الأوليين فاستخلف أميا في الأخريين لا تفسد صلاتهم لاستواء حال القارئ والامى في الأخريين لتأدى فرض القراءة في الأوليين والصحيح انه تفسد صلاتهم لان استخلاف من لا يصلح اماما له عمل كثير منه ليس من أعمال الصلاة فتفسد صلاته وصلاتهم بفساد صلاته وكذلك ان استخلفه بعد ما قعد قدر التشهد عند أبي حنيفة وهي من المسائل الاثني عشرية وبعض مشايخنا قالوا لا تفسد بالاجماع لوجود الصنع منه ههنا وهو الاستخلاف الا أن بناء مذهب أبي حنيفة في هذه المسائل على هذا الأصل غير سديد على ما ذكرنا في كتاب الطهارة في فصل التيمم والأصل في باب الاستخلاف ان كل من يصح اقتداء الامام به يصلح خليفة له والا فلا ولو كان الامام متيمما فأحدث فقدم متوضأ جاز لان اقتداء المتيمم بالمتوضئ صحيح بلا خلاف ولو قدمه ثم وجد الامام الأول الماء فسدت صلاته وحده لان الإمامة تحولت منه إلى الثاني وصار هو كواحد من القوم ففساد صلاته
(٢٢٧)