مما يؤخر الأركان عن أوقاتها فيوجب تمكن النقصان في الصلاة فلا بد من جبره بسجدتي السهو بخلاف الفكر القصير وبخلاف ما إذا شك في صلاة أخرى وهو في هذه الصلاة لان الموجب للسهو في هذه الصلاة لا سهو صلاة أخرى ولو شك في سجود السهو يتحرى ولا يسجد لهذا السهو لان تكرار سجود السهو في صلاة واحدة غير مشروع على ما نذكر ولأنه لو سجد لا يسلم عن السهو فيه ثانيا وثالثا فيؤدى إلى ما لا يتناهى (وحكى) ان محمد بن الحسن قال للكسائي وكان الكسائي ابن خالته لم لا تشتغل بالفقه مع هذا الخاطر فقال من أحكم علما فذاك يهديه إلى سائر العلوم فقال محمد انا ألقى عليك شيئا من مسائل الفقه فخرج جوابه من النحو فقال هات قال فما تقول فيمن سها في سجود السهو فتفكر ساعة ثم قال لا سهو عليه فقال من أي باب من النحو خرجت هذا الجواب فقال من باب انه لا يصغر المصغر فتحير من فطنته ولو شرع في الظهر ثم توهم انه في العصر فصلى على ذلك الوهم ركعة أو ركعتين ثم تذكر انه في الظهر فلا سهو عليه لان تعيين النية شرط افتتاح الصلاة لا شرط بقائها كأصل النية فلم يوجد تغيير فرض ولا ترك واجب فان تفكر في ذلك تفكرا شغله عن ركن فعليه سجود السهو استحسانا على ما مر ولو افتتح الصلاة فقرأ ثم شك في تكبيرة الافتتاح فأعاد التكبير والقراءة ثم علم أنه كان كبر فعليه سجود السهو لأنه بزيادة التكبير والقراءة أخر ركنا وهو الركوع ثم لا فرق بين ما إذا شك في خلال صلاته ففكر حتى استيقن وبين ما إذا شك في آخر صلاته بعد ما قعد قدر التشهد الأخير ثم استيقن في حق وجوب السجدة لأنه أخر الواجب وهو السلام ولو شك بعد ما سلم تسليمة واحدة ثم استيقن لا سهو عليه لأنه بالتسليمة الأولى خرج عن الصلاة وانعدمت الصلاة فلا يتصور تنقيصها بتفويت واجب منها فاستحال ايجاب الجابر وكذا لا فرق بينه وبين ما إذا سبقه الحدث في الصلاة فعاد إلى الوضوء ثم شك قبل أن يعود إلى الصلاة فتفكر ثم استيقن حتى يجب عليه سجود السهو في الحالين جميعا إذا طال تفكره لأنه في حرمة الصلاة وإن كان غير مؤد لها والله أعلم هذا الذي ذكرنا حكم الشك في الصلاة فيما يرجع إلى سجود السهو وأما حكم الشك في الصلاة فيما يرجع إلى البناء والاستقبال فنقول إذا سها في صلاته فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا فإن كان ذلك أول ما سها استقبل الصلاة ومعنى قوله أول ما سها ان السهو لم يصر عادة له لا أنه لم يسه في عمره قطو عند الشافعي يبنى على الأقل (احتج) بما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا فليلغ أشك وليبن علي الأقل أمر بالبناء على الأقل من غير فصل ولان فيما قلنا اخذا باليقين من غير ابطال العمل فكان أولى (ولنا) ما روى عبد الله ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا شك أحدكم في صلاته انه كم صلى فليستقبل الصلاة أمر بالاستقبال وكذا روى عن عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم انهم قالوا هكذا وروى عنهم بألفاظ مختلفة ولأنه لو استقبل أدى الفرض بيقين كاملا ولو بنى على الأقل ما أداه كاملا لأنه ربما يؤدى زيادة على المفروض وادخال الزيادة في الصلاة نقصان فيها وربما يؤدى إلى افساد الصلاة بأن كان أدى أربعا وظن أنه أدى ثلاثا فبنى على الأقل وأضاف إليها أخرى قبل أن يقعد وبه تبين ان الاستقبال ليس ابطالا للصلاة لان الافساد ليؤدي أكمل لا يعد افسادا والاكمال لا يحصل الا بالاستقبال على ما مر والحديث محمول على ما إذا وقع ذلك له مرارا ولم يقع تحريه على شئ بدليل ما روينا هذا إذا كان ذلك أول ما سها فإن كان يعرض له ذلك كثيرا تحرى وبنى على ما وقع عليه التحري في ظاهر الروايات وروى الحسن عن أبي حنيفة انه يبنى على الأقل وهو قول الشافعي لما روينا في المسألة الأولى من غير فصل ولان المصير إلى التحري للضرورة ولا ضرورة ههنا لأنه يمكنه ادراك اليقين بدونه بان يبنى على الأقل فلا حاجة إلى التحري (ولنا) ما روى عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا فليتحر أقربه إلى الصواب وليبن عليه ولأنه تعذر عليه الوصول إلى ما اشتبه عليه بدليل من الدلائل والتحري عند انعدام الأدلة مشروع كما في أمر القبلة ولا وجه للاستقبال لأنه عسى أن يقع ثانيا وكذا الثالث والرابع إلى ما لا يتناهى ولا وجه للبناء على الأقل
(١٦٥)