كما قيد به في الروضة (و) الثامن عند (مدافعة) أحد (الأخبثين) أي البول والغائط، ولو ذكر أحد كما قدرته في كلامه لكان أولى لإفادة الاكتفاء به وكراهته عند مدافعتهم بالأولى وكذا يكره عند مدافعة الريح. كما ذكره الدميري وأهمله المصنف. (و) التاسع عند (النعاس) أي غلبته كما قيد به في الروضة (و) العاشر عند شدة (الحر و) شدة (البرد) وأهمل المصنف عند الخوف المزعج، وعند الملال وقد جزم بهما في الروضة وإنما كره القضاء في هذه الأحوال لتغير العقل والخلق فيها فلو خالف وقضى فيها، نفذ قضاؤه كما جزم به في الروضة لقصة الزبير المشهورة. ولا ينفذ حكم القاضي لنفسه لأنه من خصائصه (ص) ولا يحكم لرقيقه، ولا لشريكه في المال المشترك بينهما للتهمة. ويحكم للقاضي ولمن ذكر معه الإمام أو قاض آخر أو نائبه وإذا أقر المدعى عليه عند القاضي أو نكل عن اليمين فحلف المدعي اليمين المردودة وسأل القاضي أن يشهد على إقراره عنده في صورة الاقرار أو على يمينه في صورة النكول أو سأل الحكم بما ثبت عنده والاشهاد به لزمه إجابته، لأنه قد ينكر بعد ذلك. (ولا يسأل) القاضي (المدعى عليه) الجواب: أي لا يجوز له ذلك (إلا بعد كمال الدعوى) الصحيحة.
ويشترط لصحة كل دعوى سواء أكانت بدم أم بغيره كغصب وسرقة وإتلاف ستة شروط: الأول: أن تكون معلومة غالبا بأن يفصل المدعي ما يدعيه كقوله في دعوى القتل قتله عمدا أو شبه عمد أو خطأ إفرادا أو شركة، فإن أطلق ما يدعيه كقوله: هذا قتل ابني يسن للقاضي استفصاله عما ذكر. والثاني: أن تكون ملزمة فلا تسمع دعوى هبة شئ أو بيعه أو إقرار به حتى يقول المدعي وقبضته بإذن الواهب ويلزم البائع أو المقر التسليم. والثالث: أن يعين مدعى عليه فلو قال: قتله أحد هؤلاء لم تسمع دعواه لابهام المدعى عليه. والرابع والخامس: أن يكون كل من المدعي والمدعى عليه غير حربي لا أمان له مكلفا ومثله. السكران فلا تصح دعوى حربي لا أمان له ولا صبي ولا مجنون ولا دعوى عليهم. والسادس أن لا تناقضها دعوى أخرى فلو ادعى على أحد انفرادا بالقتل ثم ادعى على آخر شركة أو انفرادا لم تسمع الدعوى الثانية لأن الأولى تكذبها نعم إن صدقه الآخر فهو مؤاخذ بإقرار وتسمع الدعوى عليه على الأصح في أصل الروضة ولا يمكن من العودة إلى الأولى لأن الثانية تكذبها. (ولا يحلفه) أي لا يجوز للقاضي أن يحلف المدعى عليه. (إلا بعد سؤال) أي طلب (المدعي) تحليفه، فلو حلفه قبل طلبه لم يعتد به فعلى هذا يقول القاضي للمدعي حلفه وإلا فاقطع طلبك عنه قال ابن النقيب في مختصر الكفاية ولو حلف بعد طلب المدعي وقبل إحلاف القاضي لم يعتد به صرح به القاضي حسن اه.
تنبيه: قد علم مما ذكره المصنف أنه لا يجوز للقاضي الحكم على المدعى عليه إلا بعد طلب المدعي وهو كذلك على الأصح في الروضة في باب القضاء على الغائب (ولا يلقن خصما) منهما (حجة) يستظهر بها على خصمه أي يحرم عليه ذلك لاضراره به. (ولا يفهمه) أي واحدا منهما (كلاما) يعرف به كيفية الدعوى وكيفية الجواب أو الاقرار أو الانكار لما مر وخرج بقيد الخصم في كلامه الشاهد فيجوز للقاضي تعريفه كيفية أداء الشهادة. كما صححه القاضي أبو المكارم والروياني وأقره عليه في الروضة خلافا للشرف الغزي في ادعائه المنع منه فلعله انتقل نظره من منع التلقين إلى ذلك، فإن القاضي