دون من يبصر ليلا فقط قاله الأذرعي. فإن قيل: قد استخلف النبي (ص) ابن أم مكتوم على المدينة وهو أعمى. ولذلك قال مالك بصحة ولاية الأعمى، أجيب بأنه إنما استخلفه في إمامة الصلاة دون الحكم.
تنبيه: لو سمع القاضي البينة ثم عمي. قضى في تلك الواقعة على الأصح، واستثنى أيضا لو نزل أهل قلعة على حكم أعمى. فإنه يجوز كما هو مذكور في محله. والرابعة عشرة أن يكون (كاتبا) على أحد وجهين اختاره الأذرعي والزركشي لاحتياجه إلى أن يكتب إلى غيره ولان فيه أمنا من تحريف القارئ عليه وأصحهما كما في الروضة وغيرها عدم اشتراط كونه كاتبا لأنه (ص) كان أميا لا يقرأ ولا يكتب. ولا يشترط فيه معرفة الحساب لتصحيح المسائل الحسابية الفقهية كما صوبه في المطلب، لأن الجهل به لا يوجب الخلل في غير تلك المسائل والإحاطة بجميع الأحكام لا تشترط. والخامسة عشرة أن يكون (مستيقظا) بحيث لا يؤتى من غفلة ولا يخدع من غرة كما اقتضاه كلام ابن القاص وصرح به الماوردي والروياني واختاره الأذرعي في الوسيط، واستند فيه إلى قول الشيخين ويشترط في المفتي التيقظ وقوة الضبط قال والقاضي أولى باشتراط ذلك، وإلا لضاعت الحقوق انتهى ملخصا ولكن المجزوم به كما في الروضة وغيرها استحباب ذلك، لا اشتراطه.
تنبيه: هاتان الخصلتان الضعيفتان الموعود بهما وأما المتروكتان: فالأولى كونه ناطقا فلا تصح تولية الأخرس على الصحيح لأنه كالجماد. والثانية أن يكون فيه كفاية للقيام بأمر القضاء فلا يولى مختل نظر بكبر، أو مرض أو نحو ذلك، وفسر بعضهم الكفاية اللائقة بالقضاء بأن يكون فيه قوة على تنفيذ الحق بنفسه فلا يكون ضعيف النفس جبانا فإن كثيرا من الناس يكون عالما دينا ونفسه ضعيفة عن التنفيذ. والالزام والسطوة فيطمع في جانبه بسبب ذلك، وإذا عرف الإمام أهلية أحد ولاه، وإلا بحث عن حاله كما اختبر (ص) معاذا، ولو ولى من لا يصلح للقضاء مع وجود الصالح له والعلم بالحال أثم المولي بكسر اللام والمولى بفتحها ولا ينفذ قضاؤه وإن أصاب فيه فإن تعذر في شخص جميع هذه الشروط السابقة فولى السلطان له شوكة فاسقا مسلما أو مقلدا نفذ قضاؤه للضرورة لئلا تتعطل مصالح الناس فخرج المسلم الكافر إذا ولي بالشوكة. وأما الصبي والمرأة فصرح ابن عبد السلام بنفوذه منهما. ومعلوم أنه يشترط في غير الأهل معرفة طرف من الأحكام، وللعادل أن يتولى القضاء من الأمير الباغي. فقد سئلت عائشة رضي الله تعالى عنها عن ذلك لمن استقضاه زياد فقالت: إن لم يقض لهم خيارهم قضى لهم شرارهم.
فروع: يندب للإمام أن يأذن للقاضي في الاستخلاف إعانة له فإن أطلق التولية استخلف فيما عجز عنه. فإن أطلق الاذن في الاستخلاف استخلف مطلقا فإن خصصه بشئ لم يتعده،