لا يلقن الشاهد الشهادة كما جزم به في الروضة. (ولا يتعنت بالشهداء) أي لا يشق عليهم كأن يقول لهم:
لم شهدتم وما هذه الشهادة ونحو ذلك. فربما يؤدي إلى تركهم الشهادة فيتضرر الخصم المشهود له بذلك.
(ولا يقبل) القاضي (الشهادة) إذا لم يعرف عدالة الشاهد (إلا ممن ثبتت عدالته) عند حاكم سواء أطعن الخصم فيه أم سكت لأنه حكم بشهادة تتضمن تعديله. والتعديل لا يثبت إلا بالبينة وسيأتي بيان العدالة في فصل بعد ذلك. فإذا ثبتت عدالة الشاهد ثم شهد في واقعة أخرى قال في الروضة:
إن لم يطل الزمان حكم بشهادته ولا يطلب تعديله ثانيا وإن طال فوجهان: أصحهما يطلب تعديله ثانيا لأن طول الزمان يغير الأحوال ثم يجتهد الحاكم في طوله وقصره انتهى. قال في الخادم إن الخلاف في الطول في غير الشهود المرتبين عند الحاكم أما هم فلا يجب طلب التعديل قطعا قاله الشيخ عز الدين في قواعده انتهى وهو حسن وقال في العدة: إذا استفاض فسق الشاهدين بين الناس فلا حاجة إلى البحث والسؤال. (ولا تقبل شهادة عدو على عدوه) لحديث: لا تقبل شهادة ذي غمر على أخيه رواه أبو داود وابن ماجة بإسناد حسن والغمر بكسر الغين الغل والحقد ولما في ذلك من التهمة.
تنبيه: المراد بالعداوة العداوة الدنيوية الظاهرة لأن الباطنة لا يطلع عليها إلا علام الغيوب، وفي معجم الطبراني أن النبي (ص) قال: سيأتي قوم في آخر الزمان إخوان العلانية أعداء السريرة بخلاف شهادته له إذ لا تهمة. ومليحة شهدت لها ضراتها والفضل ما شهدت به الأعداء وعدو الشخص: من يحزن لفرحه، ويفرح لحزنه. وقد تكون العداوة من الجانبين وقد تكون من أحدهما فيختص برد شهادته على الآخر. ولا يشترط ظهورها بل يكفي ما دل عليها من المخاصمة ونحوها. كما قاله البلقيني ناقلا له عن نص المختصر أما العداوة الدينية فلا توجب رد الشهادة فتقبل بشهادة المسلم على الكافر.
وشهادة السني على المبتدع، وتقبل من مبتدع لا نكفره ببدعته، كمنكري صفات الله تعالى وخلقه أفعال عباده، وجواز رؤيته يوم القيامة لاعتقادهم أنهم مصيبون في ذلك لما قام عندهم بخلاف من نكفره ببدعته كمنكري حدوث العالم والبعث والحشر للأجسام وعلم الله بالمعدوم وبالجزئيات لانكارهم ما علم مجئ الرسول به ضرورة فلا تقبل شهادتهم. ولا شهادة من يدعو الناس إلى بدعته كما لا تقبل: روايته بل أولى ولا شهادة خطابي لمثله. إن لم يذكر فيها ما ينفي احتمال اعتماده على قول المشهود له، لاعتقاده أنه لا يكذب، فإن ذكر فيها ذلك كقوله: رأيت أو سمعت أو شهد لمخالفة قبلت لزوال المانع. (ولا) تقبل (شهادة والد) وإن علا (لولده) وإن سفل (ولا) تقبل شهادة (ولد) وإن سفل (لوالده) وإن علا للتهمة. ولو قال المصنف ولا تقبل شهادة الشخص لبعضه. لكان أخصر وأفهم كلامه قبول شهادة الوالد على ولده وعكسه وهو كذلك لانتفاء التهمة.
تنبيه: يستثنى من ذلك ما لو كان بينه وبين أصله أو فرعه عداوة فإن شهادته لا تقبل له ولا عليه، كما جزم به في الأنوار وإذا شهد بحق لفرع أو أصل له وأجنبي كأن شهد برقيق لهما قبلت الشهادة