فقال: الدرع درعي فقال شريح لعلي: هل من بينة، فقال علي: صدق شريح، فقال النصراني: إني أشهد أن هذه أحكام الأنبياء ثم أسلم النصراني فأعطاه علي الدرع وحمله على فرس عتيق قال الشعبي: فقد رأيته يقاتل المشركين عليه. ولان الاسلام يعلو ولا يعلى عليه ويشبه كما قال في الروضة: وأصلها أن يجري ذلك في سائر وجوه الاكرام، حتى في التقديم في الدعوى كما بحثه بعضهم، وهو ظاهر إذا قلت خصوم المسلمين. وإلا فالظاهر خلافه لكثرة ضرر المسلمين. قال الأسنوي: ولو كان أحدهما ذميا والآخر مرتدا فيتجه تخريجه على التكافؤ في القصاص. والصحيح أن المرتد يقتل بالذمي دون عكسه وتعجب البلقيني من هذا التخريج فإن التكافؤ في القصاص ليس مما نحن فيه بسبيل ولو اعتبرناه لرفع الحر على العبد والوالد على الولد. (و) الثاني في استماع (اللفظ) منهما لئلا ينكسر قلب أحدهما. (و) الثالث في (اللحظ) بالظاء المشالة وهو النظر بمؤخر العين كما قاله في الصحاح والمعنى فيه ما تقدم. والرابع في دخولهما عليه، فلا يدخل أحدهما قبل الآخر. والخامس في القيام لهما فلا يخص أحدهما بقيام إن علم أنه في خصومة فإن لم يعلم إلا بعد قيامه له فإما أن يعتذر لخصمه منه، وإما أن يقوم له كقيامه للأول. وهو الأولى واختار ابن أبي الدم كراهة القيام لهما جميعا في آداب القضاء له أي إذا كان أحدهما ممن يقام له دون الآخر، لأنه ربما يتوهم أن القيام ليس له. والسادس في جواب سلامهما إن سلما معا فلا يرد على أحدهما، ويترك الآخر فإن سلم عليه أحدهما انتظر الآخر، أو قال له: سلم ليجيبهما معا إذا سلم قال الشيخان: وقد يتوقف في هذا إذا طال الفصل وكأنهم احتملوا هذا الفصل لئلا يبطل معنى التسوية. والسابع في طلاقة الوجه وسائر أنواع الاكرام فلا يخص أحدهما بشئ منها وإن اختلف بفضيلة أو غيرها.
تنبيه: يندب أن لا يشتري ولا يبيع بنفسه لئلا يشتغل قلبه عما هو بصدده. ولأنه قد يحابي فيميل قلبه إلى من يحابيه، إذا وقع بينه وبين غيره حكومة والمحاباة فيها رشوة أو هدية، وهي محرمة، وأن لا يكون له وكيل معروف، كي لا يحابي أيضا فإن فعل ذلك كره والمعاملة في مجلس حكمه أشد كراهة. (ولا يجوز) للقاضي (أن يقبل الهدية) وإن قلت، فإن أهدي إليه من له خصومة في الحال عنده سواء أكان ممن يهدى إليه قبل الولاية، سواء أكان (من أهل عمله) أم لا أو لم يكن له خصومة لكنه لم يهد له قبل ولايته القضاء، ثم أهدي إليه بعد القضاء هدية حرم عليه قبولها. أما في الأولى فلخبر: هدايا العمال سحت وروي هدايا السلطان سحت، ولأنها تدعو إلى الميل إليه، وينكسر بها قلب خصمه وأما في الثانية فلان سببها العمل ظاهرا ولا يملكها في الصورتين لو قبلها ويردها على