مالكها فإن تعذر وضعها في بيت المال وقضية كلامهم أنه لو أرسلها إليه في محل ولايته ولم يدخل بها حرمت وهو كذلك وإن ذكر فيها الماوردي وجهين.
تنبيه: يستثنى من ذلك هدية أبعاضه كما قاله الأذرعي إذ لا ينفذ حكمه لهم، ولو أهدي إليه من لا خصومة له، وكان يهدى إليه قبل ولايته جاز له قبولها إن كانت الهدية بقدر العادة السابقة. والأولى إذا قبلها أن يردها أو يثيب عليها، لأن ذلك أبعد عن التهمة أما إذا زادت على العادة، فكما لو لم يعهد منه ذلك كذا في أصل الروضة وقضيته: تحريم الجميع. لكن قال الروياني نقلا عن المهذب إن كانت الزيادة من جنس الهدية جاز قبولها لدخولها في المألوف وإلا فلا وفي الذخائر ينبغي أن يقال: إن لم تتميز الزيادة أي بجنس أو قدر حرم قبول الجميع وإلا فالزيادة فقط. وهذا هو الظاهر فإن زادت في المعنى، كأن أهدى من عادته قطن حريرا هل يبطل في الجميع أو يصح منها بقدر المعتاد فيه نظر، استظهر الأسنوي الأول وهو ظاهر إن كان للزيادة وقع، وإلا فلا عبرة بها والضيافة والهبة كالهدية والعارية إن كانت مما يقابل بأجرة فحكمها كالهدية، وإلا فلا كما بحثه بعضهم وبحث بعضهم أيضا أن الصدقة كالهدية، وأن الزكاة كذلك إن لم يتعين الدفع إليه وما بحثه ظاهر وقبول الرشوة حرام، وهي ما يبذل للقاضي ليحكم بغير الحق أو ليمتنع من الحكم بالحق وذلك لخبر: لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم.
فروع: ليس للقاضي حضور وليمة أحد الخصمين حالة الخصومة، ولا يحضر وليمتهما. ولو في غير محل ولايته، لخوف الميل وله تخصيص إجابة من اعتاد تخصيصه قبل الولاية ويندب له إجابة غير الخصمين إن عمم المولم النداء لها ولم يقطعه كثرة الولائم عن الحكم وإلا فيترك الجميع، ولا يضيف أحد الخصمين دون الآخر، ولا يلتحق فيما ذكر المفتي والواعظ ومعلمو القرآن والعلم إذ ليس لهم أهلية الالزام وللقاضي أن يشفع لاحد الخصمين، ويزن عنه ما عليه لأنه ينفعهما وأن يعيد المرضى، ويشهد الجنائز ويزور القادمين، ولو كانوا متخاصمين لأن ذلك قربة. (ويجتنب) القاضي (القضاء) أي يكره له ذلك (في عشرة مواضع) وأهمل مواضع كما ستعرفها. وضابط المواضع التي يكره للقاضي القضاء فيها كل حال يتغير فها خلقه وكمال عقله: الموضع الأول (عند الغضب) لخبر الصحيحين: لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان وظاهر هذا أنه لا فرق بين المجتهد وغيره ولا بين أن يكون لله تعالى أو لا.
وهو كذلك لأن المقصود تشويش الفكر وهو لا يختلف بذلك نعم تنتفي الكراهة إذا دعت الحاجة إلى الحكم في الحال وقد يتعين الحكم على الفور في صور كثيرة. (و) الثاني عند (الجوع و) الثالث عند (العطش) المفرطين وكذا عند الشبع المفرط وأهمله المصنف (و) الرابع عند (شدة الشهوة) أي التوقان إلى النكاح. (و) الخامس: عند (الحزن) المفرط في مصيبة أو غيرها. (و) السادس: عند (الفرح المفرط) ولو قال المفرطين لكان أولى لأنه قيد في الحزن أيضا كما مر. (و) السابع عند (المرض) المؤلم