الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٦٥
ويكره للقاضي أن يتخذ حاجبا كما قال: (لا حاجب له) أي للقاضي (دونهم) أي الخصوم أي حيث لا زحمة وقت الحكم لخبر: من ولي من أمور الناس شيئا فاحتجب حجبه الله يوم القيامة رواه أبو داود والحاكم بإسناد صحيح، فإن لم يجلس للحكم بأن كان في وقت خلوته أو كان ثم زحمة لم يكره نصبه والبواب وهو من يقعد بالباب للاحراز ويدخل على القاضي للاستئذان كالحاجب فيما ذكر. قال الماوردي: أما من وظيفته ترتيب الخصوم والاعلام بمنازل الناس أي وهو المسمى الآن بالنقيب فلا بأس باتخاذه، وصرح القاضي أبو الطيب وغيره باستحبابه.
تنبيه: من الآداب أن يجلس على مرتفع: كدكة ليسهل عليه النظر إلى الناس وعليهم المطالبة وأن يتميز عن غيره بفراش ووسادة، وإن كان مشهورا بالزهد والتواضع ليعرفه الناس وليكون أهيب للخصوم وأرفق به فلا يمل وأن يستقبل القبلة لأنها أشرف المجالس كما رواه الحاكم وصححه.
وأن لا يتكئ بغير عذر وأن يدعو عقب جلوسه بالتوفيق والتسديد. والأولى ما روته أم سلمة: أن النبي (ص) كان إذا خرج من بيته قال: بسم الله توكلت على الله اللهم إني أعوذ بك من أن أضل، أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي قال: في الأذكار حديث حسن رواه أبو داود. قال ابن القاص: وسمعت أن الشعبي كان يقوله إذا خرج إلى مجلس القضاء ويزيد فيه: أو أعتدي أو يعتدى علي، اللهم أعني بالعلم وزيني بالحلم وأكرمني بالتقوى حتى لا أنطق إلا بالحق ولا أقضي إلا بالعدل. وأن يأتي المجلس راكبا وأن يستعمل ما جرت به العادة من العمامة والطيلسان، ويندب أن يسلم على الناس يمينا وشمالا، وأن يشاور الفقهاء عند اختلاف وجوه النظر وتعارض الأدلة في حكم قال تعالى لنبيه (ص): * (وشاورهم في الامر) * قال الحسن البصري: كان (ص) مستغنيا عنها، ولكن أراد أن تكون سنة للحكام. أما الحكم المعلوم بنص أو إجماع أو قياس جلي فلا. والمراد بالفقهاء كما قاله جمع من الأصحاب الذين يقبل قولهم في الافتاء فيدخل الأعمى والعبد والمرأة، ويخرج الفاسق والجاهل (ولا يقعد للقضاء في المسجد) أي يكره له اتخاذه مجلسا للحكم صونا له عن ارتفاع الأصوات واللغط الواقعين بمجلس القضاء عادة. ولو اتفقت قضية أو قضايا وقت حضوره فيه لصلاة أو غيرها فلا بأس بفصلها، وعلى ذلك يحمل ما جاء عنه (ص) وعن خلفائه في القضاء في المسجد وكذا إذا احتاج لجلوس فيه لعذر من مطر ونحوه. فإن جلس فيه مع الكراهة أو دونها منع الخصوم من الخوض فيه، بالمخاصمة والمشاتمة ونحوهما. بل يقعدون خارجه وينصب من يدخل عليه خصمين وإقامة الحدود فيه أشد كراهة كما نص عليه. ثم شرع في التسوية بين الخصمين فقال: (ويسوي) أي القاضي (بين الخصمين) وجوبا على الصحيح (في ثلاثة) بل سبعة (أشياء) كما ستعرفه: الأول (في المجلس) فيسوي بينهما فيه بأن يجلسهما بين يديه أو أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره والجلوس بين يديه أولى ولا يرتفع الموكل عن الوكيل، والخصم لأن الدعوى متعلقة به أيضا بدليل تحليفه إذا وجبت يمين حكاه ابن الرفعة عن الزبيلي وأقره، قال الأذرعي وغيره وهو حسن والبلوى به عامة وقد رأينا من يوكل قرارا من التسوية بينه وبين خصمه، والصحيح جواز رفع مسلم على ذمي في المجلس كأن يجلس المسلم أقرب إليه من الذمي، لما روى البيهقي عن الشعبي قال: خرج علي رضي الله تعالى عنه إلى السوق.
فإذا هو بنصراني يبيع درعا فعرفها علي فقال: هذه درعي بيني وبينك قاضي المسلمين فأتيا إلى القاضي شريح فاما رأى القاضي عليا قام من مجلسه وأجلسه. فقال له علي: لو كان خصمي مسلما لجلست معه بين يديك ولكني سمعت النبي (ص) يقول: لا تساووهم في المجالس اقض بيني وبينه. فقال شريح: ما تقول يا نصراني؟
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الشفعة 2
2 فصل في القراض 7
3 فصل في المساقاة 11
4 فصل في الإجارة 14
5 فصل في الجعالة 20
6 فصل في المزارعة والمخابرة وكراء الأرض 22
7 فصل في إحياء الموات 23
8 فصل في الوقف 26
9 فصل في الهبة 31
10 فصل في اللقطة 35
11 فصل في أقسام اللقطة 39
12 فصل في اللقيط 41
13 فصل في الوديعة 42
14 كتاب بيان أحكام الفرائض والوصايا 46
15 فصل في الوصية الشاملة للايصاء 56
16 كتاب النكاح 63
17 فصل في أركان النكاح 71
18 فصل في بيان الأولياء 74
19 فصل في محرمات النكاح ومثبتات الخيار فيه 79
20 فصل في الصداق 84
21 فصل في القسم والنشوز 91
22 فصل في الخلع 96
23 فصل في الطلاق 99
24 فصل في الطلاق السني وغيره 102
25 فصل فيما يملكه الزوج من الطلقات وفي الاستثناء والتعليق والمحل القابل للطلاق وشروط المطلق 105
26 فصل في الرجعة 109
27 فصل في بيان ما يتوقف عليه حل المطلقة 110
28 فصل في الايلاء 112
29 فصل في الظهار 116
30 فصل في اللعان 120
31 فصل في العدد 125
32 فصل في فيما يجب للمعتدة وعليها الخ 130
33 فصل في الاستبراء 133
34 فصل في الرضاع 136
35 فصل في نفقة القريب والرقيق والبهائم 139
36 فصل في النفقة 142
37 فصل في الحضانة 148
38 كتاب الجنايات 152
39 فصل في الدية 160
40 فصل في القسامة 172
41 كتاب الحدود 177
42 فصل في حد القدف 183
43 فصل في حد شارب المسكر من خمر وغيره 186
44 فصل في حد السرقة الواجب بالنص والإجماع 189
45 فصل في قاطع الطريق 196
46 فصل في حكم الصيال وما تتلفه البهائم 199
47 فصل في قتال البغاة 202
48 فصل في الردة 205
49 فصل في تارك الصلاة 207
50 كتاب أحكام الجهاد 210
51 فصل في قسم الغنيمة 216
52 فصل في قسم الفئ 220
53 فصل في الجزية 222
54 كتاب الصيد والذبائح 228
55 فصل في الأطعمة 233
56 فصل في الأضحية 239
57 فصل في العقيقة 244
58 كتاب السبق والرمي 246
59 كتاب الايمان والنذور 250
60 فصل في النذور 256
61 كتاب الأقضية والشهادات 260
62 فصل في القسمة 271
63 فصل في الدعوى والبينات 274
64 فصل في الشهادات 279
65 فصل والحقوق ضربان حق الله تعالى وحق الآدمي 282
66 كتاب العتق 288
67 فصل في الولاء 293
68 فصل في التدبير 295
69 فصل في الكتابة 298
70 فصل في أمهات الأولاد 302