الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٨٤
فإن أنكر شخص في الكناية إرادة قذف بها صدق بيمينه لأنه أعرف بمراده فيحلف أنه ما أراد قذفه، قاله الماوردي ثم عليه التعزيز للايذاء. وقيده الماوردي بما إذا خرج لفظه مخرج السب والذم، وإلا فلا تعزير وهو ظاهر. وأما اللفظ الثالث وهو التعريض فكقوله لغيره في خصومة أو غيرها: يا ابن الحلال. وأما أنا فلست بزان ونحوه كليست أمي بزانية ولست ابن خباز أو اسكافي وما أحسن اسمك في الجيران فليس ذلك بقذف صريح ولا كناية، وإن نواه لأن النية إنما تؤثر إذا احتمل اللفظ المنوي وها هنا ليس في اللفظ إشعار به، وإنما يفهم بقرائن الأحوال فلا يؤثر فيه.
فاللفظ الذي يقصد به القذف إن لم يحتمل غيره فصريح وإلا فإن فهم منه القذف بوضعه فكناية وإلا فتعريض. وليس الرمي بإتيان البهائم قذفا والنسبة إلى غير الزنا من الكبائر وغيرها مما فيه إيذاء. كقوله لها زنيت بفلانة أو أصابتك فلانة. يقتضي التعزير للايذاء لا الحد لعدم ثبوته.
(وشرائطه) أي حد القذف (ثمانية ثلاثة منها) بل ستة (في القاذف) كما ستعرفه (وهو أن يكون بالغا عاقلا) فلا حد على صبي ومجنون لنفي الايذاء بقذفهما لعدم تكليفهما لكن يعزران، إذا كان لهما نوع تمييز. (و) الثالث (أن لا يكون والدا) أي أصلا (للمقذوف) فلا يحد أصل بقذف فرعه وإن سفل. والرابع كونه مختارا فلا حد على مكره بفتح الراء في القذف.
والخامس كونه ملتزما للأحكام فلا حد على حربي لعدم التزامه، والسادس كونه ممنوعا منه ليخرج ما لو أذن محصن لغيره في قذفه فلا حد كما صرح به في الزوائد.
تنبيه: قد علم من الاقتصار على هذه الشروط في القاذف عدم اشتراط إسلامه وحريته وهو كذلك. (وخمسة) منها (في المقذوف وهو أن يكون مسلما بالغا عاقلا حرا عفيفا) عن وطئ يحد به بأن لم يطأ أصلا أو وطئ وطئا لا يجد به كوطئ الشريك الأمة المشتركة لأن أضداد ذلك نقص. وفي الخبر: من أشرك بالله فليس بمحصن وإنما جعل الكافر محصنا في حد الزنا لأن حده إهانة له والحد بقذفه إكرام له واعتبرت العفة عن الزنا لأن من زنا لا يتعير به.
تنبيه: يرد على ما ذكر وطئ زوجته في دبرها فإنه تبطل له حصانته على الأصح مع أنه لا يحد به ويتصور الحد بقذف الكافر بأن يقذف مرتدا بزنا يضيفه إلى حال إسلامه. وبقذف المجنون بأن يقذفه بزنا يضيفه إلى حال إفاقته. وبقذف العبد بأن يقذفه بزنا يضيفه إلى حال حريته إذا طرأ عليه الرق. وصورته: فيما إذا أسلم الأسير ثم اختار الإمام فيه الرق. القول فيما تبطل به العفة وتبطل العفة المعتبرة في الاحصان بوطئ شخص وطئا حراما وإن لم يحد به كوطئ محرمة برضاع أو نسب كأخت مملوكة له مع علمه بالتحريم لدلالته على قلة مبالاته بالزنا بل غشيان المحارم أشد من غشيان الأجنبيات.
ولا تبطل العفة بوطئ حرام في نكاح صحيح كوطئ زوجته في عدة شبهة لأن التحريم عارض يزول،
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الشفعة 2
2 فصل في القراض 7
3 فصل في المساقاة 11
4 فصل في الإجارة 14
5 فصل في الجعالة 20
6 فصل في المزارعة والمخابرة وكراء الأرض 22
7 فصل في إحياء الموات 23
8 فصل في الوقف 26
9 فصل في الهبة 31
10 فصل في اللقطة 35
11 فصل في أقسام اللقطة 39
12 فصل في اللقيط 41
13 فصل في الوديعة 42
14 كتاب بيان أحكام الفرائض والوصايا 46
15 فصل في الوصية الشاملة للايصاء 56
16 كتاب النكاح 63
17 فصل في أركان النكاح 71
18 فصل في بيان الأولياء 74
19 فصل في محرمات النكاح ومثبتات الخيار فيه 79
20 فصل في الصداق 84
21 فصل في القسم والنشوز 91
22 فصل في الخلع 96
23 فصل في الطلاق 99
24 فصل في الطلاق السني وغيره 102
25 فصل فيما يملكه الزوج من الطلقات وفي الاستثناء والتعليق والمحل القابل للطلاق وشروط المطلق 105
26 فصل في الرجعة 109
27 فصل في بيان ما يتوقف عليه حل المطلقة 110
28 فصل في الايلاء 112
29 فصل في الظهار 116
30 فصل في اللعان 120
31 فصل في العدد 125
32 فصل في فيما يجب للمعتدة وعليها الخ 130
33 فصل في الاستبراء 133
34 فصل في الرضاع 136
35 فصل في نفقة القريب والرقيق والبهائم 139
36 فصل في النفقة 142
37 فصل في الحضانة 148
38 كتاب الجنايات 152
39 فصل في الدية 160
40 فصل في القسامة 172
41 كتاب الحدود 177
42 فصل في حد القدف 183
43 فصل في حد شارب المسكر من خمر وغيره 186
44 فصل في حد السرقة الواجب بالنص والإجماع 189
45 فصل في قاطع الطريق 196
46 فصل في حكم الصيال وما تتلفه البهائم 199
47 فصل في قتال البغاة 202
48 فصل في الردة 205
49 فصل في تارك الصلاة 207
50 كتاب أحكام الجهاد 210
51 فصل في قسم الغنيمة 216
52 فصل في قسم الفئ 220
53 فصل في الجزية 222
54 كتاب الصيد والذبائح 228
55 فصل في الأطعمة 233
56 فصل في الأضحية 239
57 فصل في العقيقة 244
58 كتاب السبق والرمي 246
59 كتاب الايمان والنذور 250
60 فصل في النذور 256
61 كتاب الأقضية والشهادات 260
62 فصل في القسمة 271
63 فصل في الدعوى والبينات 274
64 فصل في الشهادات 279
65 فصل والحقوق ضربان حق الله تعالى وحق الآدمي 282
66 كتاب العتق 288
67 فصل في الولاء 293
68 فصل في التدبير 295
69 فصل في الكتابة 298
70 فصل في أمهات الأولاد 302