خفية ظلما من حرز مثله بشروط تأتي، ولما نظم أبو العلاء المعري البيت الذي شكك به على أهل الشريعة في الفرق بين الدية والقطع في السرقة. وهو:
يد بخمس مئين عسجد وديت ما بالها قطعت في ربع دينار؟
أجابه القاضي عبد الوهاب المالكي بقوله:
وقاية النفس أغلاها وأرخصها وقاية المال فافهم حكمة الباري وقال ابن الجوزي: لما سئل عن هذا: لما كانت أمينة كانت ثمينة فلما خانت هانت وأركان القطع ثلاثة: مسروق وسرقة وسارق. والمصنف اقتصر على السارق والمسروق فقال: (وتقطع يد السارق) والسارقة، ولو ذميين ورقيقين (بستة) بل بعشرة (شرائط) كما ستعرفه ومراده بالشرط هنا ما لا بد منه الشامل للركن وغيره، لأنه ذكر من جملتها المسروق. وهو أحد الأركان كما مر: الأول (أن يكون) السارق (بالغا) فلا يقطع صبي لعدم تكليفه. (و) الثاني أن يكون (عاقلا) فلا يقطع مجنون لما ذكر (و) الثالث وهو المشار إليه أنه من الأركان. (أن يسرق نصابا) وهو ربع دينار فأكثر ولو كان الربع لجماعة اتحد حرزهم لخبر مسلم: لا تقطع يد سارق إلا في ربع دينار فصاعدا وأن يكون خالصا لأن الربع المغشوش ليس بربع دينار حقيقة فإن كان في المغشوش بربع خالص وجب القطع. ومثل ربع الدينار ما قيمته ربع دينار، لأن الأصل في التقويم هو الذهب الخالص حتى لو سرق دراهم أو غيرها قومت به وتعتبر (قيمته ربع دينار) وقت الاخراج من الحرز فلو نقصت قيمته بعد ذلك لم يسقط القطع وعلى أن التقويم يعتبر بالمضروب لو سرق ربع دينار مسبوكا أو حليا أو نحوه كقراضة لا تساوي ربعا مضروبا فلا قطع به وإن ساواه غير مضروب لأن المذكور في الخبر. لفظ الدينار وهو اسم للمضروب. ولا يقطع بخاتم وزنه دون ربع.