الحال الثاني: أن يكون النوى مدفونا في الأرض يوم الرهن، ثم ينبت. فإن كان المرتهن جاهلا بالحال، فله الخيار في فسخ البيع الذي شرط فيه هذا الرهن. فان فسخ، وإلا فهو كما لو كان عالما، وإن كان عالما فلا خيار. وإذا بيعت الأرض مع النخل، وزع الثمن عليهما. والمعتبر في الحال الأول، قيمة الأرض فارغة.
وفي الحال الثاني، قيمة أرض مشغولة، لأنها كانت مشغولة يوم الرهن. وفي كيفية اعتبار الشجر وجهان نقلهما الامام في الحالين. أصحهما: تقوم الأرض وحدها.
فإذا قيل: هي مائة، قومت مع الأشجار، فإذا قيل: هي مائة وعشرون، فالزيادة بسبب الأشجار سدس، فيراعي في الثمن نسبة الأسداس. والثاني: تقوم الأشجار وحدها. فإذا قيل: هي خمسون، كانت النسبة بالثلث، ثم في المثال المذكور لايضاح الوجهين تكون قيمة الأرض ناقصة بسبب الاجتماع، لأنا فرضنا قيمتها وحدها مائة، وقيمة الأشجار وحدها ثابتة خمسين، وقيمة المجموع مائة وعشرين.
عدنا إلى مسألة الام والولد، فإذا بيعا معا، وأردنا التوزيع، ففيه طريقان.
أحدهما: أن التوزيع عليهما كالتوزيع على الأرض والشجر، فتعتبر قيمة الام وحدها. وفي الولد الوجهان.
والثاني: أن الام لا تقوم وحدها، بل تقوم مع الولد وهي خاصته، لأنها رهنت وهي ذات ولد، والأرض بلا أشجار. وبهذا الوجه قطع الأكثرون. فلو حدث الولد بعد الرهن والتسليم من نكاح أو زنى، وبيعا معا، فللمرتهن قيمة جارية لا ولد لها.
قلت: ذكر الامام الرافعي في مسألة الغراس والأرض الفرق بين علم المرتهن وجهله في ثبوت الخيار، ولم يذكره هنا، فكأنه أراد أنه مثله. وقد صرح صاحب الشامل بذلك فقال: إن كان عالما بالولد حال الارتهان، فلا خيار، وإلا، فله الخيار في فسخ البيع المشروط فيه الرهن. وقال صاحب الحاوي: إن علم، فلا خيار، وإلا، فان قلنا: تباع الام دون الولد، فلا خيار، وإن قلنا: يباعان، ففي الخيار وجهان. وجه المنع: أنه لا يتحقق نقصها، بل قد تزيد. فان قيل: ما فائدة الخلاف في التوزيع، والراهن يجب عليه قضاء الدين بكل حال؟! قلنا: تظهر فائدته عند ازدحام غرماء الميت والمفلس، وفي تصرف الراهن في الثمن قبل قضاء