قال من عليه الدين لهذا الوكيل: خذ الألف وادفعه إلى فلان، فوجهان. أفقههما أنه بالقبض ينعزل عن وكالة المستحق، وصار وكيلا للمديون. والثاني: يبقى وكيلا للأول. فعلى هذا، لو تلف في يد الوكيل بغير تقصير، فمن ضمان صاحب الدين وقد برئ الدافع. وعلى الأول: هو من ضمان الدافع، والدين باق عليه. وإن قصر الوكيل، فعليه الضمان. وأيهما يطالبه؟ فيه الوجهان. قال الامام: ولا يشترط في جريان الوجهين قبول الوكيل صريحا بالقول، بل مجرد قوله: إدفع إلى فلان، فيه الوجهان. والله أعلم.
ولو أبرأ مستحق الدينين المديون عن مائة، وكل واحد منهما مائة، فإن قصدهما أو أحدهما، فهو لما قصد. وإن أطلق، فعلى الوجهين. وإن اختلفا فقال المبرئ: أبرأت عن الدين الخالي عن الرهن والكفيل، فقال المديون: بل عن الآخر، فالقول قول المبرئ مع يمينه.
فصل اختلفا في قدم عيب المرهون وحدوثه، فقد سبق بيانه في كتاب البيع. ولو رهنه عصيرا، ثم بعد قبضه اختلفا، فقال المرتهن: قبضته وقد تخمر، فلي الخيار في فسخ البيع المشروط، وقال الراهن: بل صار عندك خمرا، فالأظهر: أن القول قول الراهن، لان الأصل بقاء لزوم البيع. والثاني: قول المرتهن، لان الأصل عدم قبض صحيح. ولو زعم المرتهن أنه كان خمرا يوم العقد، وكان شرطه في البيع شرط رهن فاسد، فقيل بطرد القولين. وقيل: القول قول المرتهن قطعا. ولو سلم العبد المشروط رهنه ملتفا بثوب، ثم وجد ميتا، فقال الراهن: مات عندك، فقال: بل أعطيتنيه ميتا، فأيهما يقبل؟ فيه القولان. ولو اشترى مائعا، وجاء بظرف فصبه البائع فيه، فوجدت فيه فأرة ميتة، فقال البائع: كانت في ظرفك، وقال المشتري: قبضته وفيه الفأرة، ففيمن يصدق؟
القولان. ولو زعم المشتري كونها فيه حال البيع، فهذا اختلاف في جريان العقد صحيحا، أم فاسدا؟ وقد سبق بيانه.
فصل ليس للراهن أن يقول: أحضر المرهون وأنا أقضي دينك من مالي، (بل) لا يلزمه الاحضار بعد قضائه، وإنما عليه التمكين كالمودع. والاحضار، وما