سئل عن هذه المسألة، يفتي بهذا الثاني مع ذهابه إلى الأول، ويقول: المستفتي يستفتيني عن مذهب الشافعي رضي الله عنه، لا عما عندي. وعلى هذا، المبيع صاع منها، أي صاع كان. فلو تلف جميعها إلا صاعا، تعين العقد فيه، والبائع بالخيار بين أن يسلم صاعا من أعلى الصبرة أو أسفلها وإن لم يكن الأسفل مرئيا، لان رؤية ظاهر الصبرة كرؤية كلها.
قلت: وأما استدلال الأول بأنه لو فرقت صيعانها فباع صاعا لم يصح، فهكذا قطع به الجمهور. وحكى صاحب المهذب في تعليقه في الخلاف عن شيخه القاضي أبي الطيب صحة بيعه، لعدم الغرر. والصحيح: المنع. والله أعلم.
فرع إبهام ممر الأرض المبيعة، كإبهام نفس المبيع. وصورته: أن يبيع أرضا محفوفة بملكه من جميع الجوانب، ويشرط للمشتري حق الممر من جانب، ولم يعينه، فالبيع باطل، لاختلاف الغرض بالممر. فإن عين الممر من جانب، صح البيع. ولو قال: بعتكها بحقوقها، صح، وثبت للمشتري حق الممر من كل جانب كما كان ثابتا للبائع قبل البيع. وإن أطلق البيع ولم يتعرض للممر، فوجهان.
أصحهما: يصح، ويكون كما لو قال: بعتكها بحقوقها. والثاني: أنه لا يقتضي الممر، فعلى هذا هو كما لو صرح بنفي الممر، وفيه وجهان. أصحهما: بطلان البيع، لعدم الانتفاع في الحال، والثاني: الصحة، لامكان تحصيل الممر، وقال في التهذيب: إن أمكن تحصيل ممر، صح البيع، وإلا، فلا. ولو كانت الأرض المبيعة ملاصقة للشارع، فليس للمشتري سلوك ملك البائع، فإن العادة في مثلها الدخول من الشارع، فينزل الامر عليه. ولو كانت ملاصقة ملك المشتري، لم يتمكن من المرور فيما بقي للبائع، بل يدخل من ملكه القديم. وأبدى الامام فيه احتمالا، قال: وهذا إذا أطلق البيع، أما إذا قال: بحقوقها، فله الممر في ملك البائع. ولو باع دارا واستثنى لنفسه بيتا فله الممر، فإن نفى الممر، نظر، إن أمكن اتخاذ ممر، صح البيع، وإلا، فوجهان قلت: أصحهما: البطلان كمن باع ذراعا من ثوب ينقص بالقطع. والله أعلم.