وبان أنه لم يستدرك الظلامة، وليس للمشتري الثاني رده على البائع الأول، لأنه لم يملك منه. ولو حدث به عيب في يد المشتري الثاني، ثم ظهر عيب قديم فعلى تخريج ابن سريج: للمشتري الأول أخذ الأرش من بائعه، كما لو لم يحدث عيب، ولا يخفى الحكم بينه وبين المشتري الثاني. وعلى المشهور: ينظر، إن قبله المشتري الأول مع عيبه الحادث، خير بائعه، إن قبله، فذاك، وإلا، أخذ الأرش منه. وعن ابن القطان: لا يأخذه، واسترداده رضى بالعيب. وإن لم يقبله، وغرم الأرش للثاني، ففي رجوعه بالأرش على بائعه وجهان. أحدهما: لا يرجع، وبه قال ابن الحداد، لأنه لو قبله، ربما قبله منه بائعه، فكان متبرعا بغرامة الأرش وأصحهما: يرجع، لأنه ربما لا يقبله بائعه، فيتضرر. وعلى الوجهين: لا يرجع ما لم يغرم للثاني، لأنه ربما لا يطالبه فيبقى مستدركا للظلامة. ولو كانت المسألة بحالها، وتلف المبيع في يد المشتري الثاني أو كان عبدا فأعتقه، ثم ظهر العين القديم، رجع المشتري الثاني بالأرش على المشتري الأول، والأول بالأرش على بائع بلا خلاف، لحصول اليأس من الرد، لكن هل يرجع على بائعه قبل أن يغرمه لمشتريه؟ وجهان بناء على المعنيين. إن عللنا باستدراك الظلامة، لم يرجع ما لم يغرم، وإن عللنا بالثاني، رجع. ويجري الوجهان، فيما لو أبرأه الثاني، هل يرجع هو على بائعه؟
القسم الثاني: أن يعود لا بطريق الرد، بأن عاد بإرث، أو هبة، أو قبول وصية، أو إقالة، فهل له رده على بائعه؟ وجهان لهما مأخذان. أحدهما: البناء على المعنيين السابقين. إن عللنا بالأول، لم يرد، لأنه استدرك الظلامة، ولم يبطل ذلك الاستدراك، بخلاف ما لو رد عليه بالعيب. وإن عللنا بالثاني، رد، لزوال التعذر، كما لو رد عليه بعيب.
وأما المأخذ الثاني: أن الملك العائد، هل ينزل منزلة غير الزائل؟ وإن عاد بطريق الشراء، ثم ظهر عيب قديم كان في يد البائع الأول، فإن عللنا بالمعنى الأول، لم يرد على البائع الأول، لحصول الاستدراك، ويرد على الثاني. وإن عللنا بالثاني، فإن شاء، رد على الأول، وإن شاء على الثاني. وإذا رد على ا لثاني، فله أن يرد عليه، وحينئذ يرد على الأول. ويجئ وجه: أنه لا يرد على الأول، بناء على أن الزائل العائد، كالذي لم يعد. ووجه: أنه لا يرد على الثاني،