وأما ما ذكر من تمهد السلطان البلاد، وإدامة الجهاد، وفتح الحصون، وقهر الأعداء، فهذا بحمد الله من الأمور الشائعة التي اشترك في العلم بها الخاصة والعامة وطارت في أقطار الأرض، فلله الحمد، وثواب ذلك مدخر للسلطان إلى * (يوم تجد كل نفس من خير محضرا) *، ولا حجة لنا عند الله تعالى إذا تركنا هذه النصيحة الواجبة علينا. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وكتب للملك الظاهر لما احتيط على أملاك دمشق:
بسم الله الرحمن الرحيم. قال الله تعالى: * (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) * وقال تعالى: * (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه) * وقال تعالى: * (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) * وقد أوجب الله على المكلفين نصيحة السلطان - أعز الله أنصاره - ونصيحة عامة المسلمين، ففي الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال:
الدين النصيحة لله وكتابه وأئمة الدين وعامتهم. ومن نصيحة السلطان - وفقه الله تعالى لطاعته وتولاه بكرامته - أن ننهي إليه الاحكام، إذا جرت على غير قواعد الاسلام، وأوجب الله تعالى الشفقة على الرعية، والاهتمام بالضعفة، إزالة الضرر عنهم. قال الله تعالى: * (واخفض جناحك للمؤمنين) *. وفي الحديث الصحيح.
(إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم). وقال صلى الله عليه وسلم: (من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا، كشف الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) وقال صلى الله عليه وسلم: (من ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم، فارفق اللهم به، ومن شق عليهم فاشقق اللهم عليه). وقال صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته). صلى الله عليه وسلم: (إن المقسطين على منابر من نور، عن يمين الرحمن، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا).
وقد أنعم الله علينا وعلى سائر المسلمين بالسلطان، أعزه الله وأعز أنصاره، وأذل له الأعداء من جميع الطوائف، وفتح أعداء الدين، وسائر الماردين، ومهد له البلاد والعباد، وقمع بسيفه أهل الزيغ والفساد، وأمده بالإعانة واللطف والسعادة، فلله الحمد على هذه النعم الظاهرة، والخيرات المتكاثرة، ونسأل الله الكريم دوامها له