المسكين للغنى (قال الشافعي) والعامل عليها يأخذ من الصدقة بقدر غنائه لا يزاد عليه وإن كان العامل موسرا إنما يأخذ على معنى الإجارة والمؤلفة قلوبهم في متقدم من الاخبار (1) فضربان ضرب مسلمون مطاعون أشراف يجاهدون مع المسلمين فيقوى المسلمون بهم ولا يرون من نياتهم ما يرون من نيات غيرهم، فإذا كانوا هكذا فجاهدوا المشركين فأرى أن يعطوا من سهم النبي صلى الله عليه وسلم وهو خمس الخمس ما يتألفون به سوى سهمانهم مع المسلمين إن كانت نازلة في المسلمين وذلك أن الله عز وجل جعل هذا السهم خالصا لنبيه فرده النبي صلى الله عليه وسلم في مصلحة المسلمين وقال صلى الله عليه وسلم " مالي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس والخمس مردود فيكم " يعنى بالخمس حقه من الخمس وقوله " مردود فيكم " يعنى في مصلحتكم وأخبرني من لا أتهم عن موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحرث عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى المؤلفة قلوبهم يوم حنين من الخميس (قال الشافعي) وهم مثل عيينة والأقرع وأصحابهما ولم يعط النبي صلى الله عليه وسلم. عباس بن مرداس وكان شريفا عظيم الغناء حتى استعتب فأعطاه (قال الشافعي) لما أراد ما أراد القوم واحتمل أن يكون دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم منه شئ حين رغب عما صنع بالمهاجرين والأنصار فأعطاه على معنى ما أعطاهم واحتمل أن يكون رأى أن يعطيه من ماله حيث رأى لأنه له خالص ويحتمل أن يعطى على النفل وغير النفل لأنه له وقد أعطى صفوان بن أمية قبل أن يسلم ولكنه قد أعار رسول الله صلى الله عليه وسلم أداة وسلاحا وقال فيه عند الهزيمة أحسن مما قال فيه بعض من أسلم من أهل مكة عام الفتح وذلك أن الهزيمة كانت في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين في أول النهار فقال له رجل: " غلبت هوازن وقتل محمد " فقال " صفوان بفبك الحجر (2) فوالله لرب من قريش أحب إلي من رب هوازن " وأسلم قومه من قريش وكان كأنه لا يشك في إسلامه والله أعلم " وهذا مثبت في كتاب قسم الفئ " فإذا كان مثل هذا رأيت أن يعطى من سهم النبي صلى الله عليه وسلم وهذا أحب إلى للاقتداء بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو قال قائل: كان هذا السهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكان له أن يضع سهمه حيث رأى فقد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا مرة وأعطى من سهمه بخيبر رجالا من المهاجرين والأنصار لأنه ماله يضعه حيث شاء فلا يعطى اليوم أحد على هذا من الغنيمة ولم يبلغنا أن أحدا من خلفائه أعطى أحدا بعده وليس للمؤلفة في قسم الغنيمة سهم مع أهل السهمان، ولو قال هذا أحد، كان مذهبا والله أعلم، وللمؤلفة قلوبهم في سهم الصدقات سهم، والذي أحفظ فيه من متقدم الخبر أن عدى ابن حاتم جاء أبا بكر الصديق أحسبه بثلثمائة من الإبل من الصدقات قومه فأعطاه أبو بكر منها ثلاثين بعيرا وأمره أن يلحق بخالد بن الوليد بمن أطاعه من قومه فجاءه بزهاء الف رجل وأبلى بلاء حسنا وليس في الخبر في إعطائه إياها من أين أعطاه إياها غير أن الذي يكاد أن يعرف القلب بالاستدلال بالاخبار والله أعلم أنه أعطاه إياها من قسم
(٩٢)