حلفاء لثقيف في الجاهلية وكانت ثقيف قد أسرت رجلين من المسلمين ثم إن المسلمين أسروا رجلا من بنى عقيل ومعه ناقة له وكانت ناقته قد سبقت الحاج في الجاهلية كذا وكذا مرة، وكانت الناقة إذا سبقت الحاج في الجاهلية لم تمنع من كلا ترتع فيه ولم تمنع من حوض تشرع منه (قال الشافعي) فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد فيم أخذتني وأخذت سابقة الحاج؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم " بجريرة حلفائك ثقيف " (قال الشافعي) وحبس حيث يمر به النبي صلى الله عليه وسلم فمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك فقال له يا محمد إني مسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم " لو قتلتها وأنت تملك أمرك كنت قد أفلحت كل الفلاح " قال ثم مر به النبي صلى الله عليه وسلم مرة أخرى فقال: يا محمد إني جائع فأطعمني وظمآن فاسقني فقال النبي صلى الله عليه وسلم " تلك حاجتك " ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم بدا له ففادي به الرجلين اللذين أسرت ثقيف وأمسك الناقة ثم إنه أغار على المدينة عدو فأخذوا سرح النبي صلى الله عليه وسلم فوجدوا الناقة فيها قال وقد كانت عندهم امرأة من المسلمين قد أسروها وكانوا يريحون النعم عشاء فجاءت المرأة ذات ليلة إلى النعم فجعلت لا تجئ إلى بعير إلا رغا حتى انتهت إليها فلم ترغ فاستوت عليها فنجت فلما قدمت المدينة قال الناس العضباء العضباء فقالت المرأة: إني نذرت إن الله أنجاني عليها أن أنجرها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بئسما جزيتها لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم " أخبرنا عبد الوهاب عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين (قال الشافعي) فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم ناقته ولم يأمرها أن تنحر مثلها أو تنحرها ولا تكفر (قال) وكذلك نقول إن من نذر تبررا أن ينحر مال غيره فهذا نذر فيما لا يملك فالنذر ساقط عنه وبذلك نقول قياسا على من نذر ما لا يطيق أن يعمله بحال سقط النذر عنه لأنه لا يملك أن يعمله فهو كما لا يملك ما سواه أخبرنا سفيان عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عم عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا نذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم " وكان في حديث عبد الوهاب الثقفي بهذا الاسناد أن امرأة من الأنصار نذرت وهربت على ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن نجاها الله لتنحرنها فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول وأخذ ناقته ولم يأمرها بأن تنحر مثلها ولا تكفر فكذلك نقول إن من نذر تبررا أن ينحر مال غيره فهذا نذر فيما لا يملك والنذر ساقط عنه وكذلك نقول قياسا على من نذر ما لا يطيق أن يعمله بحال سقط النذر عنه لأنه لا يملك أن يعمله فهو كما لا يملك مما سواه (قال الشافعي) وإذا نذر الرجل أن يحج ماشيا مشى حتى يحل له النساء ثم يركب بعد، وذلك كمال حج هذا، وإذا نذر أن يعتمر ماشيا مشى حتى يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ويحلق أو يقصر وذلك كمال عمرة هذا (قال الشافعي) وإذا نذر أن يحج ماشيا فمشى ففاته الحج فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة ماشيا حل وعليه حج قابل ماشيا كما يكون عليه حج قابل إذا فاته هذا الحج ألا ترى أن حكمه لو كان متطوعا بالحج أو ناذرا له أو كان عليه حجة الاسلام وعمرته ألا يجزى هذا الحج من حج ولا عمرة؟ فإذا كان حكمه أن يسقط ولا يجزى من حج ولا عمرة فكيف لا يسقط المشي الذي إنما هو هيئة في الحج والعمرة؟ (قال الشافعي) وإذا نذر الرجل أن يحج أو نذر أن يعتمر ولم يحج ولم يعتمر فإن كان نذر ذلك ماشيا فلا يمشى لأنهما جميعا حجة الاسلام وعمرته فإن مشى فإنما مشى حجة الاسلام وعمرته وعليه أن يحج ويعتمر ماشيا من قبل أن أول ما يعمل الرجل من حج وعمرة إذا لم يعتمر ويحج فإنما هو حجة الاسلام وإن لم ينو حجة الاسلام ونوى به نذرا أو حجا عن غيره أو تطوعا فهو كله حجة الاسلام
(٢٨٠)