للمحصر بما استيسر من الهدى؟ ثم سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذبح والاحلال كيف لم تجعل المحصر بالمرض قياسا على المحصر بالعدو أن تحكم له حكمك له؟ فقلت له الأصل على الفرض إتمام الحج والعمرة لله والرخصة في الاحلال للمحصر بعدو فقلنا في كل بأمر الله عز وجل ولم نعد بالرخصة موضعها كما لم نعد بالرخصة المسح على الخفين ولم نجعل عمامة ولا قفازين قياسا على الخفين فقال فهل يفترق الحصار بالعدو والمرض؟ قلت: نعم، قال وأين؟ قلت المحصر بعدو خائف القتل على نفسه إن أقدم عليه وغير عالم بما يصير إليه منه إذا أقدم عليه وقد رخص لمن لقى المشركين أن يتحرف للقتال أو يتحيز إلى فئة فإذا فارق المحصر موضعه راجعا صار إلى حال أحسن من حاله في التقدم والمقام لمزايلة الخوف إلى الامن والمريض ليس في شئ من هذه المعاني، لا هو خائف بشرا ولا صائر بالرجوع إلى أمن بعد خوف ولا حال ينتقل عنه إلا رجاء البر والذي يرجوه في تقدمه رجاؤه في رجوعه ومقامه حتى يكون الحال به معتدلا له في المقام والتقدم إلى البيت والرجوع، فالمريض أولى أن لا يقاس على المحصر بعدو، من العمامة والقفازين والبرقع على الخفين ولو جاز أن يجهل ما وصفنا من الأصل في إتمام الحج والعمرة وأن المستثنى المحصر بعدو فقلنا الحبس ما كان كالعدو جاز لنا لو ضل رجل طريقا أو أخطأ عددا حتى يفوته الحج أن يحل فقال بعضهم، إنا إنما اعتمدنا في هذا على الشئ رويناه عن ابن مسعود وبه قلنا، قلت له لم يخالفه واحد ممن سمينا أنا قلنا بقوله أما كنت محجوجا به؟ قال: ومن أين؟ قلت ألسنا وإياكم نزعم أن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لو اختلفا فكان قول أحدهما أشبه بالقرآن كان الواجب علينا أن نصير إلى أشبه القولين بالقرآن فقولنا أشبه بالقرآن بما وصفت لك، أو رأيت لو لم نستدل على قولنا وقولك بالقرآن وكان قولنا أصح في الابتداء والمتعقب من قولك أكان قولنا أولى أن يذهب إليه؟ قال: بلى، إن كان كما تقول قلت: فهو كما أقول ومعناه ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وثلاثة أكثر عددا من واحد، قال فأين هو أصح؟ قلت أرأيت إذا مرض فأمرته أن يبعث بهدى ويواعده يوما يذبح فيه عنه الهدى ثم يحلق أو يقصر ويحل ألست قد أمرته بأن يحل وأنت لا تدرى لعل الهدى لم يبلغ محله وأنت تعيب على الناس أن يأمروا أحدا بالخروج من شئ لزمهم بالظنون؟ قال فإنا لا نقول بظن ولكن بالظاهر قلت: الظاهر في هذا ظن، ولو خرج الظاهر في هذا من أن يكون ظنا كنت أيضا متناقض القول فيه قال ومن أين؟ قلت إذا كان الحكم في أمرك المريض بالاحلال بالموعد بذبح الهدى وكان الظاهر عندك أنه قد حل بهذه المدة (1) فكيف زعمت أنه إن بلغه أن الهدى عطب أو ضل أو سرق وقد أمرته بالاحلال فحل وجامع وصاد (قال) يكون عليه جزاء الصيد والفدية ويعود حراما كما كان قلت وهكذا لو بعث الهدى عشرين مرة وأصابه مثل هذا قال؟ نعم، قلت أفلست قد أبحت له الاحلال ثم جعلت عليه الفدية فيما أبحت له والفساد فيه وجعلته في موضع واحد حلالا أياما وحراما أياما؟ فأي قول أشد تناقضا وأولى أن يترك من هذا؟
وأي شئ يؤخذ من قول أولى أن ترده العقول من هذا؟ وقال أيضا في الرجل تفوته عرفة ويأتي يوم النحر فقال كما قلنا يطوف ويسعى ويحلق أو يقصر وعليه حج قابل ثم خالفنا فقال لا هدي عليه وروى فيه حديثا عن عمر أنه لم يذكر فيه أمر بالهدى قال وسألت زيد بن ثابت بعد ذلك بعشرين سنة فقال كما قال عمر: وقال قد روينا هذا عن عمر (قال) فإلى قول من ذهبتم؟ فقلت روينا عن عمر مثل قولنا