يداويه من يعقل والفدية لازمة بأن فاعلها يعقل وهي على المداوى له في ماله إن شاء ذلك المداوى لأنها جناية من المداوى على المداوى وإن غلب المحرم على عقله فأصاب صيدا ففيها قولان أحدهما أن عليه جزاءه من قبل أنه يلزم المحرم بإصابة الصيد جزاء لمساكين الحرم كما يلزمه لو قلته لرجل والقاتل مغلوب على عقله ولو أتلف لرجل مالا لزمته قيمته ويحتمل حلقه شعره هذا المعنى في الوجهين جميعا، والقول الثاني لا شئ عليه من قبل أن القلم مرفوع عنه، وأصل الصيد ليس بمحرم وكذلك حلق الشعر وإنما جعل هذا عقوبة على من أتاه تعبدا لله والمغلوب على عقله غير متعبد في حال غلبته (1) وليس كأموال الناس الممنوعة بكل حال كالمباح إلا في حال (قال) ولو أصاب امرأته احتمل المعنيين وكان أخف لأنه ليس في إصابته لامرأته إتلاف لشئ فأما طيبه ولبسه فلا شئ عليه فيه من قبل أنا نضعه عن الجاهل العاقل والناسي العاقل وهذا أولى أن يوضع عنه وذلك أنه ليس في واحد منهما إتلاف لشئ وقد يحتمل الجماع من المغلوب العقل أن يقاس على هذا لأنه ليس بإتلاف شئ فإن قال قائل أفرأيت إذا غلب على عقله كيف لم تزعم أنه خارج من الاحرام كما أنه خارج من الصلاة؟
قيل له إن شاء الله لاختلاف الصلاة والحج، فإن قال قائل فأين اختلافهما؟ قيل يحتاج المصلى إلى أن يكون طاهرا في صلاته عاقلا لها ويحتاج إلى أن يكون عاقلا لها كلها لان كلها عمل لا يجزيه غيره والحاج يجوز له كثير من عمل الحج وهو جنب وتعمله الحائض كله إلا الطواف بالبيت فإن قال قائل:
فما أقل ما يجزى الحاج أن يكون فيه عاقلا؟ قيل له عمل الحج على ثلاثة أشياء أن يحرم وهو يعقل ويدخل عرفة في وقتها وهو يعقل ويطوف بالبيت وبالصفا والمروة وهو يعقل فإذا جمع هذه الخصال وذهب عقله فيما بينها فعمل عنه أجزأ عنه حجه إن شاء الله وهذا مكتوب في دخول عرفة (قال الشافعي) في مكي أهل بالحج من مكة أو غريب دخلها محرما فحل ثم أقام بها حتى أنشأ الحج منها فمنعهما مرض حتى فاتهما الحج يطوفان بالبيت وبين الصفا والمروة ويحلقان أو يقصران فإذا كان قابل حجا وأجزأ كل واحد منهما أن يخرج من الحرم إلى الحل لأنهما لم يكونا معتمرين قط إنما يخرجان بأقل ما يخرج به من عمل الحج إذا لم يكن لهما أن يعملا بعرفة ومنى ومزدلفة وذلك طواف وسعى وأخذ من شعره، فإن قال قائل فكيف بما روى عن عمر من هذا؟ قيل له على معنى ما قلت إن شاء الله وذلك أنه قال لسائله: اعمل ما يعمل المعتمر ولم يقل له: إنك معتمر وقال له احجج قابلا واهد ولو انقلب إحرامه عمرة لم يكن عليه حج وكان مدركا للعمرة وفى أمره وأمرنا إياه بحج قابل دلالة على أن إحرامه حج وأنه لا ينقلب عمرة، ولو انقلب عمرة لم يجز أن تأمره بحج قابل قضاء وكيف يقضى ما قد انقلب عنه؟ ولكن أمره بالقضاء لأنه فائت له وقد جاء من فاته الحج فسأل عمر وهو ينحر ولا أشك إن شاء الله تعالى أن قد دخل الحرم قبل طلوع الفجر من ليلة النحر فلو كان حجه صار عمرة حين طلع الفجر من ليلة النحر وكان الحج فائتا لامره عمر أن يخرج بنفسه إلى الحل فيلبى منه ولكنه كما وصفت إن شاء الله لا كقول من قال صار عمرة (2) وإنما قول من قال صار عمرة بغلط إلى قوله يعنى صار عمله عمرة وسقط بعض عمل الحج إذا فاتت عرفة ولو كان صار عمرة أجزأ عنه من عمرة