وذكرت له قرآن الحج والعمرة فإذا قال جائز قيل أفيجوز هذا في صلاتين أن تقرنا أو في صومين؟
فإن قال: لا، قيل فلا يجوز أن تجمع بين ما تفرق أنت بينه (قال الشافعي) ولو أهل بالحج ثم أراد أن يدخل عليه عمرة فإن أكثر من لقيت وحفظت عنه يقول: ليس ذلك له، وإذا لم يكن ذلك له فلا شئ عليه في ترك العمرة من قضاء ولا فدية (قال الشافعي) فإن قال قائل (1) فكيف إذا كانت السنة أنهما نسكان يدخل أحدهما في الآخر ويفترقان في أنه إذا أدخل الحج على العمرة فإنما زاد إحراما أكثر من إحرام العمرة، فإذا أدخل العمرة على الحج زاد إحراما أقل من إحرام الحج وهذا وإن كان كما وصفت فليس بفرق يمنع أحدهما أن يكون قياسا على الآخر لأنه يقاس ما هو أبعد منه، ولا أعلم حجة في الفرق بين هذا إلا ما وصفت من أنه الذي أحفظ عمن سمعت عنه ممن لقيت، وقد يروى عن بعض التابعين، ولا أدري هل يثبت عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شئ أم لا فإنه قد روى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وليس يثبت، ومن رأى أن لا يكون معتمرا فلا يجزى عنه من عمرة الاسلام ولا هدى عليه ولا شئ لتركها ومن رأى له أن يدخل العمرة على الحج رأى أن يجزى عنه من حجة الاسلام وعمرته، وإذا أهل الرجل بعمرة ثم أقام بمكة إلى الحج أنشأ الحج من مكة وإذا أهل بالحج ثم أراد العمرة أنشأ العمرة من أي موضع شاء إذا خرج من الحرم وقد أجدهما إذا أقام عامهما بمكة أهل كإهلال الآفاق أن يرجعوا إلى مواقيتهم، فإن قال قائل. ما الحجة فيما وصفت؟ قيل أهل عامة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم معه بعمرة ثم أمرهم يهلون بالحج إذا توجهوا إلى منى من مكة فكانت العمرة إذا حج قبلها قياسا على هذا ولم أعلم في هذا خلافا من أحد حفظت عنه ممن لقيته، فإن قال قائل: قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن أبي بكر يعمر عائشة من التنعيم فعائشة كان إحرامها عمرة فأهلت بالحج من مكة وعمرتها من التنعيم نافلة، فليست في هذا حجة عندنا لما وصفنا، ومن أهل بعمرة من خارج الحرم فذلك مجزئ عنه، فإن لم يكن دخل قبلها بحج أو عمرة ثم أقام بمكة فكانت عمرته الواجبة رجع إلى ميقاته وهو محرم في رجوعه ذلك ولا شئ عليه إذا جاء ميقاته محرما وإن لم يفعل أهراق دما فكانت عمرته الواجبة عليه مجزئة عنه، ومن أهل بعمرة من مكة ففيها قولان، أحدهما أنه إذا لم يخرج إلى الحل حتى يطوف بالبيت وبالصفا والمروة لم يكن حلالا وكان عليه أن يخرج فيلبى بتلك العمرة خارجا من الحرم ثم يطوف بعدها ويسعى ويحلق أو يقصر ولا شئ عليه، إن لم يكن حلق، وإن كان حلق أهراق دما، وإن كان أصاب النساء فهو مفسد لعمرته وعليه أن يلبي خارجا من الحرم ثم يطوف ويسعى ويقصر أو يحلق وينحر بدنة ثم يقضى هذه العمرة إذا أفسدها بعمرة مستأنفة وإنما خروجه من الحرم لهذه العمرة المفسدة، والقول الآخر أن هذه عمرة ويهريق دما لها، والقول الأول أشبه بها والله أعلم ولكنه لو أهل بحج من مكة ولم يكن دخل مكة محرما ولم يرجع إلى ميقاته أهراق دما لتركه الميقات وأجزأت عنه من حجة الاسلام الحج من مكة لان عماد الحج في غير الحرم وذلك عرفة وجميع عمل العمرة سوى الوقت في الحرم فلا يصلح أن يبتدأ من موضع منتهى عملها وعماده، وأكره للرجل أن يهل بحج أو عمرة من ميقاته ثم يرجع إلى بلده أو يقيم بموضعه وإن فعل فلا فدية عليه ولكن أحب له أن يمضى